دراسة تحذر من الذكورة السامة: المعاناة في صمت ليست شجاعة

في تحليل شامل لـ78 دراسة، توصل باحثون من جامعة إنديانا بلومنجتون بالولايات المتحدة وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة إلى نتيجة مثيرة للقلق: الأفكار التقليدية عن "الرجولة" وخاصة تلك المرتبطة بالتمييز الجنسي تؤثر سلباً على الصحة النفسية للرجال أنفسهم تماماً كما تؤثر على الآخرين.

الصورة التقليدية للرجولة عبء نفسي

تضمن التحليل قرابة 20,000 مشارك وركّز على مجموعة من السمات "الرجولية" التقليدية، مثل: الرغبة في الفوز والتحكم في العواطف والميل للمخاطرة والعنف والسيطرة والاعتماد على النفس وأهمية العمل والتفوق على النساء وكراهية المثلية الجنسية والسعي للهيمنة الاجتماعية.

ورغم أن جميع هذه السمات أظهرت ارتباطاً متوسطاً بضعف الصحة النفسية إلا أن 3 منها برزت بشكل خاص باعتبارها الأكثر تأثيراً، وهي: الاعتماد المفرط على الذات والسعي للعلاقات المتعددة والرغبة في السيطرة على النساء.

7 سلوكيات تكشف ما يخفيه الرجل وراء قسوتهالصورة التقليدية للرجولة عبء نفسي

وأوضح الباحث ي. جويل وونغ من جامعة إنديانا، في تصريحات لمجلة Popular Science، أن "الاعتماد على الذات قد يُعد من الفضائل في المجتمعات الفردية لكنه يتحول إلى عبء في عالم بات يعتمد بشكل متزايد على التعاون والدعم المتبادل، أما النزعة للهيمنة الجنسية أو الاجتماعية فغالباً ما تصطدم اليوم بمعايير المساواة والاحترام ما يسبب صراعاً داخلياً لدى الرجال الذين نشأوا على مفاهيم مختلفة".

من المعاناة الصامتة إلى الأثر النفسي

من الأسباب الجوهرية للتدهور النفسي لدى الرجال بحسب الباحثين، هو "المعاناة في صمت" إذ يشعر كثير من الرجال بأنهم مضطرون للتماهي مع هذه الصور الذكورية النمطية لكنهم نادراً ما يجدون مساحة آمنة للتعبير عن ضعفهم أو طلب المساعدة حيث يُنظر إلى ذلك على أنه “غير رجولي.

ويقول "وونغ": "هناك فجوة بين ما يعتقد الرجال أن غيرهم من الرجال يفعلونه أو يؤمنون به وما يؤمن به الرجال فعلياً"، موضحاً أن الكثير من الرجال يتجنبون كسر هذه الصور النمطية خوفاً من فقدان صورتهم الذكورية في نظر الآخرين رغم أن كثيرين يشاركونهم الشعور نفسه.

الرجولة تحت المجهر

في الماضي كانت التصرفات الذكورية المفرطة تمر دون اعتراض يُذكر بل كان يُنظر إليها بوصفها طبيعية أو حتى محمودة، لكن الواقع تغير ومع تطور النقاشات حول النوع الاجتماعي بات من الواضح أن التمسك بهذه الصور الذكورية الصارمة لا يخدم الرجال أنفسهم.

انخفاض هرمون التستوستيرون، يواجه الرجل تقلبات مزاجيةالرجولة تحت المجهر

وتشير الدراسة إلى أن التحول الثقافي الحالي قد يكون مربكاً للبعض لكنه يفتح الباب أمام تحرير الرجال من الضغوط النفسية المرتبطة بصور نمطية مرهقة.

ضرورة فتح الحوار

بحسب المعهد الوطني للصحة النفسية فإن نحو 6 ملايين رجل في الولايات المتحدة يعانون من الاكتئاب سنوياً لكنهم أقل طلباً المساعدة مقارنة بالنساء، ويُعد هذا مؤشراً إضافياً على حجم الضغوط الصامتة التي يعيشها كثير من الرجال.

الدراسة تدعو إلى إعادة النظر في كيفية تعريف الرجولة وخلق بيئة صحية تتيح للرجال التعبير عن مشاعرهم والاعتراف بحاجتهم للدعم النفسي دون خوف من الوصمة أو التشكيك في هويتهم.