لطالما رسمت المجتمعات صورة نمطية للرجل على أنه قوي وصلب لا يضعف ولا يبكي، ولكن خلف هذه الواجهة يعيش عدد كبير من الذكور البالغين في صراع داخلي مع مشاعر الحزن واليأس وانعدام الأمل، في صمت تام يكبت هؤلاء مشاعرهم خوفاً من وصمة العار أو نظرة الآخرين.
تشير البيانات الحديثة إلى أن الرجال أكثر عرضة للانتحار من النساء بأربعة أضعاف ومع ذلك يظل الحديث عن معاناتهم النفسية أمراً نادراً، فالتواصل مع صديق أو أحد أفراد الأسرة قد يكون بداية طريق العلاج وقد ينقذ حياة شاب يشعر بأنه محاصر دون مخرج.
الدعم من الأصدقاء والأهل تساعد في علاج الشباب الذكور
بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، شهد عام 2023 وفاة نحو 49,000 شخص في الولايات المتحدة بسبب الانتحار، أي ما يعادل حالة كل 11 دقيقة، ويمثل الشباب من عمر 10 إلى 24 عاماً نسبة 15% من هذه الحالات حيث يُعد الانتحار السبب الثاني للوفاة ضمن هذه الفئة العمرية.
وتُظهر بيانات (CDC) أن الذكور في هذه الفئة معرضون للخطر أكثر من غيرهم، فمنذ عام 2010 ارتفعت معدلات الانتحار بينهم بنسبة 30% ما يسلّط الضوء على أزمة متفاقمة تحتاج إلى اهتمام عاجل.
الانتحار لا يحدث بسبب عامل واحد بل هو نتيجة تفاعل معقد بين عوامل نفسية واجتماعية وثقافية، أبرزها:
رفض السعي للعلاج: يشعر كثير من الذكور بأن طلب المساعدة أمر يتنافى مع "الرجولة" مما يمنعهم من زيارة الأطباء النفسيين أو الحديث عن مشاكلهم.
تعاطي المواد: اللجوء للكحول أو المخدرات هروباً من الألم النفسي يزيد من اندفاعية التصرفات ويضاعف خطر الانتحار.
العزلة الاجتماعية: كثير من الذكور يشعرون بالوحدة خاصة في مراحل الانتقال كالدراسة أو العمل.
التوقعات المجتمعية: الضغوط الاجتماعية والثقافية تطلب من الرجل أن يكون قوياً دوماً وهو ما يقيّده عن التعبير عن الضعف.
سهولة الوصول إلى الوسائل القاتلة: الرجال أكثر امتلاكاً للأسلحة النارية من النساء بحسب استطلاع "Gallup" ما يجعل محاولاتهم أكثر فتكاً.
تاريخ من الصدمة: الصدمات المبكرة مثل التنمّر أو الاعتداء تترك أثراً نفسياً طويل الأمد.
نقص الدعم: دراسة لـ"Survey Center on American Life" كشفت أن 17% من الرجال ليس لديهم أي صديق مقرّب مقابل 2% فقط من النساء.
العديد من العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية تؤدي لانتحار الذكور
قد يعبّر الذكور عن معاناتهم النفسية بطرق مختلفة عن الإناث، فبدلاً من الحزن تظهر أعراض الاكتئاب على هيئة غضب وتهيّج وسلوكيات متهورة، أبرز العلامات التحذيرية تشمل:
التحدث عن اليأس أو الشعور بأنه عبء.
الانسحاب من الأنشطة اليومية.
تغيّرات مفاجئة في المزاج أو السلوك.
إهمال المظهر أو اضطرابات النوم والطعام.
الحديث عن الرغبة في الموت أو البحث عن وسائل الانتحار.
كما أن تغيّرات في الأداء الدراسي أو المهني أو تصرفات مثل توزيع الممتلكات قد تكون مؤشرات على خطر وشيك.
عند ملاحظة علامات التحذير، يجب:
عدم ترك الشخص بمفرده.
إزالة الوسائل المحتملة لإيذاء النفس.
التوجه إلى الطوارئ أو التواصل مع مختص في الصحة النفسية فوراً.