عند الإصابة بمرض ألزهايمر تبدأ تغيرات تدريجية في الدماغ تؤثر على القدرة على التفكير والتذكر، ويُعزى هذا التدهور المعرفي عادة إلى تراكم غير طبيعي لبروتينَي "amyloid beta (Aβ)" و"tau"، ورغم أن قياس مستويات هذين البروتينين من خلال فحوصات الدماغ أو تحاليل السائل الدماغي الشوكي (CSF) ساعد في تحسين تشخيص المرض، إلا أن هذه العلامات لا تقدم دائماً صورة دقيقة عن تطور الحالة.
وهذا لأن بعض الأشخاص الذين يحملون مستويات مرتفعة من (Aβ) و(tau) لا يعانون من أي مشكلات إدراكية ملحوظة، كما أن سرعة تقدم المرض من ضعف إدراكي طفيف إلى خَرَف حاد تختلف كثيرًا بين الأفراد إذ قد تستغرق من عامين إلى عشرين عاماً.
علامات أكثر دقة للتنبؤ بألزهايمر
سعياً لفهم العوامل التي تؤثر على هذا التباين، أجرى فريق بحثي من جامعة ستانفورد بقيادة الدكتورين هاميلتون سي-هوي أوه وتوني ويس-كوراي، وبتمويل من المعاهد الوطنية للصحة (National Institute of Health)، دراسة تحليلية على عينات من السائل الدماغي الشوكي لنحو 3400 شخص، وشارك في هذه الدراسة أفراد من الولايات المتحدة والسويد وفنلندا ممن خضعوا لمتابعات طويلة الأمد سواء تم تشخيصهم بمرض ألزهايمر أو لا.
استخدم الباحثون تقنيات "proteomics" لقياس مستويات أكثر من 7000 بروتين في كل عينة ثم دمجوا هذه البيانات مع معلومات إضافية مثل نتائج فحوصات (Aβ) و(tau) ومقاييس القدرات الإدراكية والعمر والجنس والجينات المرتبطة بخطر الإصابة مثل "APOE"، وقد نُشرت النتائج في مجلة "Nature Medicine".
تقنيات "proteomics" لقياس مستويات أكثر من 7000 بروتين
أظهر التحليل وجود مئات البروتينات المرتبطة بالوظائف الإدراكية وكانت أكثرها تأثيراً تلك المرتبطة بوظائف "المشابك العصبية" وهي نقاط الاتصال بين الخلايا العصبية، فقد تبيّن أن فقدان هذه الوصلات يلعب دوراً أساسياً في تطور مرض ألزهايمر.
ومن بين آلاف البروتينات برز اثنان بشكل خاص: YWHAG وNPTX2، الأول يرتفع لدى من يعانون من ضعف في الذاكرة بينما ينخفض الثاني، وقد وجد الباحثون أن نسبة YWHAG\:NPTX2 ترتبط بشكل وثيق بـ التدهور المعرفي، وتتجاوز في دقتها مؤشرات (Aβ) و(tau) التقليدية.
عندما تزيد نسبة YWHAG\:NPTX2 فإن ذلك يشير إلى تدهور إدراكي متزايد وحتى إلى خطر أكبر في التحول إلى خَرَف متقدم، كما لاحظ الباحثون أن هذه النسبة ترتفع بشكل طفيف مع التقدم الطبيعي في السن لكنها ترتفع بوضوح أكبر لدى من هم في مراحل مبكرة من ألزهايمر.
نسبة YWHAG\:NPTX2 كمؤشر حيوي واعد
خطا الفريق خطوة إضافية نحو تطوير اختبار دم بسيط يمكنه التنبؤ بهذه النسبة الحيوية دون الحاجة إلى فحص السائل الدماغي الشوكي، وباستخدام تقنيات "تعلم الآلة" حدد الباحثون مجموعة من البروتينات في الدم تعكس نسبة YWHAG\:NPTX2 وتساعد على التنبؤ بضعف القدرات الإدراكية.
وأوضح الباحثون: "ما زلنا بحاجة لفهم العلاقة الدقيقة بين هذه البروتينات المشبكية والتدهور الإدراكي، لكن النتائج تؤكد أن ضعف الاتصالات العصبية يُعد محركاً رئيسياً لفقدان الوظائف المعرفية".