كشفت دراسة حديثة أن مقياس مؤشر كتلة الجسم (BMI) لا يُعد وسيلة دقيقة لتقييم صحة الإنسان أو مستوى الدهون في الجسم، فبحسب الدراسة المنشورة في مجلة Annals of Internal Medicine فإن أخطر أنواع الدهون ليست تلك التي تظهر على الميزان بل التي تتراكم في منطقة البطن والمعروفة بالدهون الحشوية أو الداخلية.
اعتمد الباحثون على بيانات أكثر من 15 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و90 عاماً مع متابعة استمرت نحو 14 عاماً، وخلال هذه المدة تمت مقارنة نسب الوفاة العامة والمشكلات القلبية الوعائية بتوزيع الدهون في الجسم من خلال قياس مؤشر كتلة الجسم ومعدل محيط الخصر إلى الورك (WHR).
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يتمتعون بوزن طبيعي وفقاً لـBMI لكن لديهم محيط خصر أكبر نسبياً يواجهون خطر وفاة أعلى من أولئك ذوي الوزن الطبيعي ونسبة دهون منخفضة، والأكثر مفاجأة أن هؤلاء الأشخاص كانوا عرضة للوفاة بمعدل مضاعف مقارنة بمن لديهم مؤشر كتلة مرتفع (ضمن فئة السمنة) ولكن توزع الدهون لديهم أكثر توازناً.
مخاطر دهون البطن
يُرجّح الباحثون أن السبب يكمن في الدهون الحشوية وهي الدهون التي تتجمع داخل التجويف البطني بين الأعضاء الداخلية مثل الكبد والأمعاء، على عكس الدهون تحت الجلد فإن هذا النوع لا يُرى بسهولة لكنه يرتبط منذ فترة طويلة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم.
وتتجلى هذه الدهون خاصة لدى الرجال في منتصف العمر، حيث يكون البطن بارزاً رغم أن الجلد مشدود، هذه الزيادة في الحجم لا تأتي من الخارج بل من الداخل، ما يجعلها أخطر بكثير من الدهون السطحية.
توضح الدراسة أن الشخص الذي يتمتع بوزن مثالي وبطن مسطح هو غالباً في حالة صحية جيدة من حيث نسبة الدهون، بينما قد يكون صاحب BMI مرتفع في وضع صحي أفضل إذا كانت كتلته الزائدة ناتجة عن العضلات وليس الدهون.
في المقابل فإن من يبدو نحيفاً من الخارج لكنه يعاني من تراكم دهون داخلية قد يكون أكثر عرضة للأمراض والمضاعفات، ويشير الباحثون إلى أن الاعتماد على الوزن أو الآلات الإلكترونية لتحديد اللياقة أمر مضلل في حين أن قياس محيط الخصر بشريط قياس بسيط يمكن أن يعطي مؤشراً أدق للحالة الصحية العامة.
النحافة لا تعني بالضرورة الصحة
رغم خطورة الدهون الحشوية تؤكد الدراسة أن هناك جانباً إيجابياً: هذا النوع من الدهون هو الأسرع زوالاً عند الالتزام بنظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام، بمعنى أن تعديل نمط الحياة يمكن أن يُحدث فرقاً ملموساً في تقليل المخاطر وتحسين الصحة العامة.