قد يمثل العلاج بالإشعاع خيارًا جديدًا وآمنًا لمرضى اضطراب ضربات القلب الشديد، والمعروف باسم "تسرّع البطين Ventricular Tachycardia"، خاصةً لأولئك الذين لم تعد أدويتهم فعّالة أو لم ينجح معهم العلاج الجراحي التقليدي.
وفقًا لدراسة من "Washington University School of Medicine in St. Louis" قد يوفر هذا النوع من العلاج غير الجراحي نتائج مماثلة للعلاج بالقسطرة ولكن مع مضاعفات أقل بكثير، ونُشرت نتائج البحث في مجلة "International Journal of Radiation Oncology".
علاج القلب بالقسطرة
تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تقارن مباشرة بين العلاج الإشعاعي القلبي والعلاج بالقسطرة وهو الإجراء الجراحي المعتاد الذي يستخدم لإزالة الأنسجة غير الطبيعية في القلب المسؤولة عن اضطراب الإيقاع.
وقالت الدكتورة شانون جيانغ، الباحثة الرئيسية في الدراسة وطبيبة الأورام الإشعاعية بجامعة واشنطن: "بالنسبة للمرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات التقليدية ويواجهون مخاطر عالية من العمليات الجراحية قد يكون العلاج الإشعاعي خيارًا أكثر أمانًا وفعالية".
اضطراب ضربات القلب
يُعد تسرّع البطين أحد أخطر أنواع اضطرابات ضربات القلب إذ يؤدي إلى تسارع غير طبيعي في نبضات القلب ويُعرض المريض لخطر الوفاة المفاجئة، وغالبًا ما يعتمد المرضى على أدوية قوية لها آثار جانبية مزعجة أو أجهزة مزروعة في الصدر لإعطاء صدمات كهربائية عند حدوث النوبة.
وعندما تفشل الأدوية أو الإجراءات الأولى يصبح العلاج بالقسطرة خيارًا معقدًا لأنه يتطلب تخديرًا كليًا وإدخال أنبوب دقيق عبر الوريد إلى القلب لتدمير الأنسجة المسببة للمشكلة وهو إجراء يحمل مخاطر كبيرة خاصةً لكبار السن أو المرضى الضعفاء.
على العكس من ذلك يستخدم العلاج الإشعاعي الموجه للقلب المعروف باسم Stereotactic Arrhythmia Radiation Therapy (STAR) حزمًا دقيقة من الإشعاع تستهدف الأنسجة المتضررة دون الحاجة إلى أي تدخل جراحي أو تخدير، لإعادة القلب إلى إيقاعه الطبيعي ولكن بطريقة غير غازية تقلل من المخاطر والمضاعفات.
في الدراسة، تمت مراجعة سجلات 43 مريضًا مصابين بحالات شديدة من تسرّع البطين، تلقى نصفهم تقريبًا علاجًا إشعاعيًا، بينما خضع الباقون لعلاج متكرر بالقسطرة.
وكانت النتائج لافتة حيث أن 38٪ من مرضى القسطرة واجهوا مضاعفات خطيرة استدعت دخول المستشفى مقابل 9٪ فقط من مرضى الإشعاع، كما أن الوفيات المبكرة بعد العلاج ظهرت حصريًا في مجموعة القسطرة، بينما لم تُسجَّل أي وفيات ناتجة عن الإشعاع خلال فترة المتابعة الممتدة لثلاث سنوات.
أظهرت النتائج أن كلا العلاجين كانا متقاربين في القدرة على السيطرة على اضطراب الإيقاع لكن البقاء الكلي على قيد الحياة كان أفضل في مجموعة الإشعاع (28 شهرًا مقابل 12 شهرًا في القسطرة).
وأشارت د. جيانغ، إلى أن الميزة الحقيقية للإشعاع تكمن في تجنب المضاعفات المبكرة التي تلي الإجراءات الجراحية، خاصة لدى المرضى الأكثر ضعفًا.
رغم صغر حجم العينة، يرى الباحثون أن هذه النتائج تمثل خطوة كبيرة نحو اعتماد الإشعاع كعلاج معتمد لتسرّع البطين، وتُجرى حاليًا تجربة دولية جديدة لتأكيد سلامة هذا النهج وفعاليته، وتحديد المرضى الأكثر استفادة منه.
وأكدت جيانغ، أن توسيع نطاق هذا العلاج قد يغيّر مستقبل علاج اضطرابات القلب، قائلاً "الإشعاع القلبي يمنح الأمل لمرضى لا يستطيعون تحمل العمليات الجراحية ويقدم لهم خيارًا آمنًا وفعالًا لاستعادة نبض القلب الطبيعي".