لم تعد السمنة مجرد زيادة في الوزن بل حالة التهابية مزمنة تؤثر في كل خلية من خلايا الجسم، إذ يؤدي تراكم الدهون الحشوية على إفراز مواد التهابية تُضعف عمل الخلايا وتزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والأورام الخبيثة.
كما تشير أبحاث حديثة إلى أن السمنة تضعف نشاط الميتوكوندريا، وهي المكوّن المسؤول عن إنتاج الطاقة داخل الخلايا، ما يؤدي إلى تباطؤ التمثيل الغذائي وتراجع كفاءة الأعضاء الحيوية.
بينما يسعى كثيرون إلى الحمية لتحسين مظهرهم، تُظهر الأدلة العلمية أن فقدان الوزن المعتدل ينعكس بشكل مباشر على صحة الخلايا من خلال تقليل الالتهاب وتحسين قدرة الجسم على مقاومة الإجهاد التأكسدي، فعندما ينخفض مخزون الدهون تتراجع الجزيئات الالتهابية في الدم وتتحسن حساسية الإنسولين ويستعيد الجسم توازنه الكيميائي الطبيعي.
الدهون الحشوية
في دراسة نُشرت في مجلة Nutrients، تابع باحثون من مستشفى جامعة د. بيسيت في فالنسيا 109 أشخاص يعانون السمنة خلال برنامج غذائي استمر 24 أسبوعًا، اعتمد البرنامج على نظام منخفض جدًا في السعرات الحرارية بالتناوب مع نظام منخفض السعرات.
بعد انتهاء الدراسة فقد المشاركون نحو 11.5٪ من أوزانهم وانخفضت الدهون الحشوية بنسبة 32٪ وتراجعت مؤشرات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي (CRP)، كما ارتفعت مستويات مضادات الأكسدة والهرمونات المفيدة كـ"الأديبونكتين" وتحسّنت وظائف الميتوكوندريا بشكل واضح ما يعني أن الخلايا استعادت قدرتها على إنتاج الطاقة بكفاءة.
فقدان الوزن يتجاوز الميزان
يقول الباحثون إن هذه النتائج تبيّن أن فقدان الوزن لا يقتصر على تقليل الدهون بل يشمل إعادة تنشيط العمليات الحيوية داخل الجسم، فاستعادة كفاءة الميتوكوندريا وانخفاض الالتهاب المزمن يسهمان في حماية القلب والدماغ وتقليل مخاطر الأمراض المرتبطة بالسمنة.
يرى الأطباء أن الحل لا يكمن في الحميات القاسية أو فقدان الوزن السريع بل في الالتزام بنظام غذائي متوازن مدروس بإشراف مختصين، فالتغييرات المستمرة والمعتدلة إلى جانب النشاط البدني المنتظم يمكن أن يحقّق أثرًا أعمق في تحسين صحة الخلايا والوقاية من مضاعفات السمنة.