تشهد ولايات الغرب الأمريكي موجات متزايدة من حرائق الغابات التي أصبحت سمة متكررة في السنوات الأخيرة؛ إذ لا تقتصر أضرارها على تدمير المساحات الخضراء فحسب بل تمتد لتؤثر على جودة الهواء وصحة الإنسان وتغيّر المناخ العالمي.
وبحسب دراسة حديثة نُشرت في مجلة Atmospheric Environment، فإن الحرائق التي اجتاحت مناطق واسعة من كاليفورنيا ويوتاه وأوريغون عام 2020 ساهمت في زيادة تركيز غاز الأوزون في الهواء، ما أدى إلى تدهور جودة الهواء وارتفاع معدلات التلوث حتى في مناطق تبعد مئات الكيلومترات عن موقع الحرائق.
دخان الحرائق وتأثيره الخفي على الصحة والبيئة
يوضح البروفيسور جان ماندل من جامعة كولورادو دنفر أن حرائق الغابات لا تُطلق الأوزون مباشرة لكنها تُنتج مركبات كيميائية تتفاعل مع أشعة الشمس لتوليد الأوزون في أماكن بعيدة عن موقع الحريق نفسه.
ويُعد الأوزون أحد الغازات التي تسهم في الاحتباس الحراري كما أن ارتفاع مستوياته في الهواء يهدد صحة الإنسان خصوصًا الجهازين التنفسي والقلب والأوعية الدموية.
اعتمد الفريق البحثي بقيادة ماندل، وبمشاركة ديريك ماليا من جامعة يوتاه وآدم كوشانسكي من جامعة سان خوسيه، على نموذج حاسوبي متطور لقياس تأثير انبعاثات الحرائق الكبرى على جودة الهواء.
وتبيّن أن دخان الحرائق يرفع تركيز الأوزون في الجو بمعدل 21 جزءاً في المليار (ppb) فوق المستويات العادية، ما يجعلها تتجاوز الحد المسموح به من وكالة حماية البيئة الأمريكية البالغ 70 جزءاً في المليار.
يشير الباحثون إلى أن استنشاق الهواء الملوث بالأوزون قد يسبب مجموعة من الأعراض تبدأ بالسعال وتهيج الحلق وقد تتطور إلى أمراض الرئة والقلب بل قد تؤدي إلى الوفاة المبكرة في الحالات الشديدة.
وخلال حرائق أغسطس 2020 واجه سكان كولورادو على بُعد مئات الأميال من موقع الحريق أجواءً خانقة مليئة بالدخان وتحذيرات متكررة بشأن تلوث الهواء، ما يعكس مدى انتشار التأثيرات الصحية خارج نطاق المنطقة المنكوبة.
استنشاق الهواء الملوث بالأوزون قد يسبب بالإصابة بأمراض الرئة
تُشير الدراسة إلى أن الظواهر المناخية المرتبطة بالجفاف وارتفاع درجات الحرارة ستجعل من حرائق الغابات الكبيرة ظاهرة أكثر تكراراً في العقود القادمة.
وتحذر من أن خفض معدلات التلوث التقليدية قد لا يكون كافياً لمواجهة الأثر المتزايد لدخان الحرائق خصوصًا في فصل الصيف.
كما أوضحت أن هذه الحرائق تطلق كميات ضخمة من أكسيد النيتريك والجسيمات الدقيقة وهي ملوثات ترتبط ارتباطاً مباشراً بأمراض القلب والرئة.
خلص الباحثون إلى أن فهم العلاقة بين الدخان وتكوّن الأوزون يتطلب دراسات أعمق لتعقيد العمليات الفيزيائية والكيميائية التي تحكم انتقال الأدخنة في الغلاف الجوي.
وأكدوا أن تحسين جودة الهواء في الغرب الأمريكي بات تحدياً صحياً وبيئياً كبيراً خصوصاً مع تصاعد موجات الجفاف وازدياد عدد الحرائق واسعة النطاق.