على مر العقود، لاحظ الباحثون تفاوتاً واضحاً في الطول بين الرجال والنساء، حيث يزيد متوسط طول الرجال بحوالي 5 بوصات، وكان التفسير السائد لهذه الظاهرة يركز على دور الاختلافات الهرمونية بين الجنسين، لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (PNAS) لعام 2025، بقيادة الباحث ماثيو أوتجينز من كلية جايسنجر للعلوم الصحية، قد قدَّمت بُعداً جديداً لفهم هذه الفجوة البيولوجية.
فمن خلال تحليلٍ معمق للبيانات الوراثية، أشارت الدراسة إلى أن العوامل الوراثية، وخاصة تلك المرتبطة بالكروموسومات الجنسية، تلعب دوراً محورياً في تحديد هذا التفاوت، إلى جانب العوامل الهرمونية التقليدية، حسب صحيفة الـ "Economic Times".
آلية التفسير الوراثي لاختلاف الطول
اعتمدت الدراسة على تحليل البيانات الوراثية لحوالي مليون شخص بالغ، مستندة إلى 3 بنوك حيوية رئيسية هي البنك الحيوي البريطاني وبنكان من الولايات المتحدة الأمريكية.
وركز البحث على جين SHOX المسؤول عن تنظيم الطول، الذي يقع في منطقة مشتركة بين الكروموسومين X وY تُعرف باسم "المنطقة شبه الجسمية 1" (PAR1)، ما يسمح للجين بالعمل في كلا الكروموسومين بشكل متساو.
تمتلك الإناث كروموسومين XX، يكون أحدهما خاملاً في معظم الخلايا باستثناء الجينات الموجودة في منطقة PAR1، بما في ذلك جين SHOX، أما الذكور فيمتلكون كروموسومي XY، وكلاهما في حالة نشطة، ما يؤدي إلى زيادة التعبير الجيني المسؤول عن الطول.
كما أظهرت النتائج أن الأفراد الذين يمتلكون كروموسوم Y إضافياً يتمتعون بقامة أطول مقارنةً بأولئك الذين يمتلكون كروموسوم X إضافي، ما يؤكد تأثير العوامل الوراثية في تحديد الطول.
دور الكروموسومات الجنسية في تحديد القامة
خلصت التحليلات إلى أن المساهمات الجينية للكروموسوم Y تُفسر ما يصل إلى 22.6% من الفجوة في الطول بين الجنسين.
وفي سياق متصل، أظهرت الدراسات الاجتماعية أن النساء يميلون إلى تفضيل الشركاء الأطول قامة، على الرغم من أن الأفراد طويلي القامة قد يواجهون مخاطر أعلى للإصابة ببعض أنواع الأورام نتيجة زيادة انقسام الخلايا في أجسامهم.