واحدة من الإجراءات الاحترازية التي كثر التشديد على ضرورة اتباعها خلال جائحة كورونا، تثير جدلاً واسعاً بعد أن ذِيعت أنباء حول عدم صحتها، حيث تداولت أنباء أن قاعدة التباعد الجسدي التي أوصى بها الخبراء خلال جائحة كورونا ليس لها أساس من الصحة، ما أثار شكوك الكثيرين حول اتباعهم إجراءات غير صحيحة خلال الجائحة، لكن هل هذا الأمر حقيقي؟
في السطور التالية تكشف بوابة صحة حقيقة الأمر، وتستعرض ما حدث مع المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بالولايات المتحدة الأمريكية، أنتوني فاوتشي، أمام جلسة في الكونغرس الأمريكي بشأن وباء كورونا.
في أبريل عام 2020 أنشأ مجلس النواب الأمريكي اللجنة الفرعية المختارة المعنية بأزمة فيروس كورونا؛ لدراسة جميع القضايا المتعلقة بالوباء، من حيث الشفافية وطريقة التعامل معه بكفاءة ومدى فعالية الإجراءات التي تم اتخذها وقتها.
وكان أنتوني فاوتشي وقت الوباء مديراً للمعهد الوطني للأمراض المعدية، ولهذا حضر جلسة أمام الكونغرس يناير الماضي، كشف فيها أن قاعدة التباعد الجسدي التي نصت على ترك مسافة 6 أقدام ليس لها أسس علمية، ما أثار حالة من الغضب، خاصةً وأن بعض الدراسات كشفت وقتها عن التأثيرات السلبية للتباعد الجسدي الذي أدى للإصابة بالقلق والاكتئاب والتوتر الحاد والقلق العام.
ومن ناحية أخرى، أكد خبراء أن التباعد الجسدي في بداية الوباء أنقذ الأرواح في وقت مبكر، عندما لم يكن لدى الأمريكيين حماية ضد فيروس انتشر بشراهة بين الملايين، وكشفت دراسة حديثة نشرها معهد بروكينجز، أن الإجراءات الاحترازية لتجنب "كوفيد-19"، ثم التطعيم بعد تصنيعه منع حوالي 800 ألف حالة وفاة، حسب موقع "واشنطن بوست".
وعلى جانب آخر، أشار الخبير الاقتصادي بجامعة كاليفورنيا، أندرو أتكيسون، إلى عدم إجرائهم دراسات على بعض الإجراءات الاحترازية التي فُرضت قبل تطبيقها للتأكد مُسبقاً من صحتها أو مدى فاعليتها.
وأعرب عن آسفه لعدم وجود أدلة حول قاعدة الـ6 أقدام، محذراً من أن الجدل المثار حول التباعد الجسدي قد يؤدي إلى تجاهل الأمريكيين لنصائح الصحة العامة خلال أي أزمات صحية قد تطرأ في المستقبل.
حضر أنتوني فاوتشي، المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، جلسة استماع، أمس، للجنة الفرعية بمجلس النواب حول استجابة الولايات المتحدة لوباء "كوفيد-19" وأصول الفيروس، وأدلى بشهادته بخصوص عدة مشكلات يُلقى اللوم عليه فيها، ومن بينها التباعد الجسدي.
وكشف خلال الجلسة أن إرشادات التباعد الجسدي التي بلغت مسافة 6 أقدام خلال جائحة كورونا لم تأتِ منه، لكن أصدرتها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، حسب موقع "سي إن إن".
وأوضح أنه عندما تحدث بشأن أن التباعد الجسدي لا أساس علمي وراءه كان يعني أنه لا يوجد تجارب سريرية تدعم الأمر، ولفت النظر إلى أنه ربما مركز السيطرة على الأمراض استخدم دراسات حول المسافة التي تقطعها قطرات الرذاذ الناتجة عن المرضى منذ سنوات كأساس لإرشادات الـ6 أقدام.
كما دافع عن نفسه بخصوص اتهامه بالتلاعب حول الأصول المحتملة لفيروس كورونا، وكشف أنه في أوائل 2020، جاءته مكالمة هاتفية من بعض العلماء يعبرون عن قلقهم من إمكانية التلاعب بالفيروس المسبب لـ"كوفيد-19" بالمختبر، لكن علماء دوليون فحصوا الأمر بشكل أكبر وعلموا أنه لا يمكن التلاعب بالفيروس، بل السيناريو الأكثر ترجيحاً هو انتقاله من حيوان لإنسان.