في خطوة اعتُبرت محبطة للبعض ومثيرة للسخرية للبعض الآخر، توقفت تجربة سريرية على حبوب منع الحمل للرجال بعد أن أبلغ عدد من المشاركين عن أعراض جانبية أبرزها تغيُّرات في المزاج، رغم النجاح العلمي الذي أحرزته التجربة فإن الأعراض النفسية المصاحبة دفعت الباحثين إلى وقف تسجيل مشاركين جدد.
أجرى فريق من جامعة إدنبرة دراسة على وسيلة هرمونية جديدة لمنع الحمل عند الذكور ونُشرت النتائج في Journal of Clinical Endocrinology and Metabolism، شملت التجربة 320 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً واستمرت لمدة 56 أسبوعاً.
وحققت الحبوب نسبة فعالية بلغت 96% في منع الحمل وهو رقم يقترب من نسبة فعالية وسائل منع الحمل الأنثوية مثل الحبوب التقليدية واللولب الرحمي والتي تصل إلى 99%، ومع ذلك توقفت عملية ضم مشاركين جدد في عام 2011 بعد ظهور أعراض جانبية لدى 20 مشاركاً.
وسائل منع الحمل للرجال
السبب الرئيسي لتوقف بعض المشاركين عن الاستمرار في الدراسة كان "تغيُّرات في المزاج" كما شكا بعضهم من ألم في موضع الحقن وآلام عضلية وزيادة في الرغبة الجنسية وظهور حب الشباب.
وقد أثار انسحاب هؤلاء الرجال من الدراسة جدلاً واسعاً بسبب تشابه هذه الأعراض مع تلك التي تواجهها النساء بانتظام عند استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية من تقلبات المزاج إلى التغيرات الجسدية، ومع ذلك يُنظر إلى الدراسة كنجاح علمي من حيث المبدأ.
قال الدكتور ماريو فيليب رييس فيستين، من منظمة الصحة العالمية، في بيان صحفي: "أظهرت الدراسة أنه من الممكن تطوير وسيلة منع حمل هرمونية للرجال تُقلل من خطر حدوث حمل غير مخطط له لدى الزوجات".
الحبوب التي خضعت للاختبار ليست الخيار الوحيد المطروح، فقد شهدت الأشهر الأخيرة تطورات في أبحاث بدائل أخرى للرجال منها رذاذ أنفي أو حبوب تؤخذ قبل دقائق من العلاقة وكذلك هلام موضعي طويل الأمد يُتوقع أن يكون متاحاً خلال 5 سنوات.
ورغم أن تلك الابتكارات لم تصل بعد إلى الأسواق، فإنها تعكس اهتماماً متزايداً بتطوير وسائل منع حمل للرجال تكون فعالة، في وقت يرى فيه كثيرون أن من العدل مشاركة الطرفين مسؤولية منع الحمل وليس اقتصارها على المرأة فقط.
بدائل واعدة قيد التطوير
تُطرح تساؤلات الآن حول استعداد الرجال لتحمّل الأعراض الجانبية المصاحبة لوسائل منع الحمل في الوقت الذي تقبلت فيه النساء هذه الأعراض لعقود، وتساءل بعض الخبراء ما إذا كان من المنصف أن تتوقف تجربة واعدة بسبب أعراض غالباً ما تُعتبر طبيعية لدى النساء.
في نهاية المطاف، يرى المراقبون أن تطوير وسائل فعالة لمنع الحمل عند الرجال لم يعد مسألة علمية بحتة بل قضية تتعلق بالتقبل المجتمعي والعدالة الجندرية.