في مفارقة تبدو مناقضة للغريزة، أظهرت دراسة جديدة -نُشرت يوليو 2025- في مجلة The Journal of Sexual Medicine أن نية الإنجاب قد ترتبط بانخفاض ملحوظ في الرغبة الجنسية لدى الذكور.
الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة سابينزا في روما ومعهد علم الجنس السريري تناولت مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية المؤثرة على الرغبة الجنسية لدى الرجال مثل جودة الحياة والوظيفة الجنسية والضيق النفسي والرضا والأعراض النفسية، وخلصت إلى أن الرغبة في الإنجاب كانت العامل الأبرز في التنبؤ بانخفاض الرغبة الجنسية.
الرغبة في الأبوة ترتبط بانخفاض الدافع الجنسي
رغم أن النتيجة قد تبدو منافية للتوقعات من منظور تطوري إذ يُفترض أن الرغبة في الإنجاب تُحفز النشاط الجنسي إلا أن الدراسة لم تحدد تفسيراً مباشراً لذلك، مع ذلك يرى الباحث الرئيسي فيليبو إم. نيمبي أن الأمر قد يُعزى إلى مخاوف لا شعورية تتعلق بالتغيرات الحياتية والمسؤوليات الجديدة التي ترافق الأبوة.
وقال "نيمبي" في تصريح: "هناك الكثير من الأسئلة التي ما زالت مفتوحة، على سبيل المثال هذه الدراسة سلطت الضوء على بعض العوامل النفسية والاجتماعية الرئيسة التي تؤثر على الرغبة الجنسية لكن لا تزال هناك عوامل أخرى لم تُبحث بعد".
تتناقض هذه النتائج مع الصورة النمطية المنتشرة عن الرجل دائم الاستعداد والرغبة في مقابل زوجة تطلب العلاقة فقط عند توقيت الإباضة، إذ تشير الدراسة إلى أن الدافع الجنسي لدى الرجال قد يكون أكثر تعقيداً مما يُعتقد بل ويخضع لتأثيرات نفسية واجتماعية متعددة تماماً كما هو الحال لدى النساء.
وأضاف "نيمبي": "لطالما قُدِّمت الرغبة الجنسية لدى النساء على أنها معقدة ومليئة بالعوامل النفسية والعاطفية لكن الحقيقة أن الرغبة الجنسية عند الرجال ليست بالبساطة التي توصف بها لا يكفي وجود انتصاب قوي أو واضح لنفهم كيف يعمل الرجل جنسياً".
يرى الباحثون أن هذه الدراسة تمثل نقطة انطلاق نحو فهم أعمق وأكثر شمولاً للجنس البشري سواء على مستوى البحث العلمي أو التعامل الإكلينيكي أو حتى من منظور اجتماعي وأخلاقي.
وأوضح "نيمبي": "فهم الرغبة الجنسية له تبعات كبيرة في السياقات الطبية والقانونية والدينية، ونأمل أن تساهم هذه النتائج في إثارة نقاشات أوسع ليس فقط بين المختصين بل أيضاً بين أفراد المجتمع عموماً".
النتائج تفتح الباب لفهم أعمق
تفتح الدراسة تساؤلات مثيرة من قبيل: هل تؤدي الضغوط المرتبطة بالتخطيط للحمل إلى تراجع المتعة والاندفاع الجنسي؟ وهل يمكن للتركيز الزائد على الإنجاب أن يُضعف الحميمية العفوية بين الأزواج؟
وفي الوقت الذي تشير فيه بعض الدراسات الأخرى إلى أن جودة الحيوانات المنوية قد تتحسن عند ممارسة الجنس مع شريكة جديدة فإن الدراسة الحالية تسلط الضوء على تأثير العوامل النفسية العميقة في تشكيل الرغبة حتى داخل العلاقات المستقرة.