عندما تفكر في مشكلة حياتية أو قرار ترغب أن تتخذه سريعاً، هل تستخدم عقلك أم قلبك؟ بعد تفكير طويل، سيجد الجميع أنهم يخضعون لما يخبرهم به قلبهم، وتعد هذه المشاعر الكامنة في القلب هي استجابة للعقل الباطن، الذي غالباً ما يستحضر التجارب السابقة إلى القلب والتي تتدخل في اتخاذ القرار، فتخيل أن ذاكرتك وعواطفك وتجاربك ستنتقل إلى شخص آخر وستعيش بقلب خالٍ من حياتك السابقة؟
لا يضخ القلب الدم في الجسم فقط، ولكنه مركز المشاعر والذاكرة والشخصية والأسرار، كما أنه من أهم الأعضاء الحيوية في الجسم، لذا عندما يمرض القلب، وتصبح العلاجات غير مجدية، ينصح الأطباء بإجراء زراعة للقلب، ولكن هل يمكن أن تنتقل السمات الشخصية من شخص لآخر بعد إجراء هذه العملية؟
يقول الدكتور النفسي توماس آر فيرني في تصريحات لـ"Psychology Today"، إن جراحة زراعة القلب ليست مجرد مسألة استبدال عضو مريض بآخر سليم، ولكن الأمر أكثر من ذلك، حيث تؤكد التقارير الواردة في الأدبيات الخاصة بمتلقي عمليات زرع القلب أنهم يعانون من تغيرات في شخصياتهم والتي تتوافق مع تغيرات المتبرع لهم، ومثل هذه التغيرات في الشخصية، تعد متوقعة في ضوء اكتشافنا أن المعلومات أو الذاكرة مخزنة في خلايا الجسم وأنسجته، ولن تكون خلايا القلب استثناءً من ذلك.
كما يعتقد بعض الباحثين أنه قد يكون من الممكن للأعضاء المانحة الاحتفاظ بخصائص وخبرات مالكها الأصلي، وتظل ثابتة عند نقلها إلى مُتلقي جديد، وتعرف هذه العملية باسم "الذاكرة الخلوية"، وتعني أن الذكريات يمكن أن تكون مخزنة في كل خلايا جسم الإنسان، وليس المخ فقط.
وأوضح الدكتور مايكل ماكدونالد، المدير الطبي في مركز أجميرا لزراعة القلب بمستشفى تورونتو العام: "لدينا جميعا ذاكرة خلوية كجزء من استجاباتنا المناعية التكيفية التي تحمينا من الأمراض والعدوى والسرطان وأي شيء غريب".
عملية زراعة القلب
ذكريات مخزنة في القلب
وخلال مقال صحفي نُشر عام 2019 في مجلة "Medical Hypotheses"، قدم الدكتور ميتشل ليستر -دكتوراه في الطب ومتخصص في الطب النفسي- فكرة تسلط الضوء على أن "الذكريات المتعلقة بحياة المتبرع يتم تخزينها في خلايا القلب المتبرع به، ثم يتذكرها المُتلقي بعد جراحة زرع الأعضاء".
وعلى الجانب الآخر، يقول الدكتور جون وولورك، المدير السابق لزراعة الأعضاء في خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة (NHS)، إنه من المستحيل أن يغير عضو مادي شخصيتك أو ذكرياتك أو ما تشعر به، وأوضح قائلاً: "ثقافتنا ترى أن القلب هو مقر الحياة والحب والروح، ولا يوجد أساس علمي لذلك".
وخلص الأطباء إلى أن هناك بعض المرضى الذين تظهر عليهم تغيرات في شخصياتهم بعد الزراعة، ولكنها نسبة طفيفة للغاية، ولكن الأمر ليس مستحيلاً، فهناك مرضى أعربوا عن شعورهم بالغربة وسط العائلة، بالرغم من أن هذه المشاعر لم تكن موجودة من قبل، ولكنها ظهرت بعد الخضوع لزراعة القلب، بحسب "Cbc".