تشهد المرأة الحامل تغييرات كبيرة في جسمها تتراوح بين زيادة تدفق الدم وتغيرات في الجهاز الهضمي، لكن هذه التغيرات لا تقتصر على الجسد فقط، حيث أظهرت دراسة حديثة نُشرت في Nature Neuroscience كيف تؤثر التغيرات الهرمونية خلال الحمل على الدماغ وتحديداً في المادة البيضاء والرمادية، هذه التغيرات تلعب دوراً مهماً في إعادة تشكيل الدماغ طوال فترة الحمل.
تؤثر التغيرات الهرمونية خلال الحمل على الدماغ
خلال الحمل يمر جسم المرأة بتغيرات كبيرة نتيجة ارتفاع مستويات هرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون، ووفقاً للباحثين تؤدي هذه الهرمونات إلى تعديلات مهمة في الدماغ، لأول مرة تم رصد تغييرات ملموسة في كمية المادة البيضاء والرمادية في الدماغ أثناء الحمل، ما يؤكد على التأثير العميق للتغيرات الهرمونية على الجهاز العصبي.
أبرز ما اكتشفه الباحثون كان انخفاض حجم المادة الرمادية القشرية، وهو جزء من الدماغ مسؤول عن معالجة المعلومات والتحكم في الأفكار والعواطف، وعلى الرغم من أن هذا الانخفاض قد يبدو مثيراً للقلق، ولكن هذا التغيير يمكن تشبيهه بعملية "النحت" التي تحدث في مراحل التطور المختلفة، وهذه التعديلات القشرية قد تكون جزءاً من استعدادات الدماغ لتجربة الأمومة.
إلى جانب التغيرات في المادة الرمادية، اكتشف العلماء زيادات في المادة البيضاء، والتي تساعد في التواصل بين مناطق الدماغ المختلفة، حيث بلغت هذه الزيادة ذروتها في الثلث الثاني من الحمل قبل أن تعود إلى مستوياتها الطبيعية بحلول الولادة، وتشير هذه التغيرات إلى كيفية تكيف الدماغ مع متطلبات الحمل، مع تركيز على التحكم في الحركة والتعلم.
واعتمدت الدراسة على 26 مسحاً بالرنين المغناطيسي أجريت على امرأة خلال فترة حملها وما بعدها، وأظهرت النتائج كيف يتغير الدماغ بطرق لم تكن معروفة سابقاً، مما يفتح الباب لفهم أعمق لتأثيرات الحمل على الجهاز العصبي، حيث إن الحمل هو واحد من أكبر التحولات العصبية الهرمونية التي يمكن أن يختبرها الإنسان.
دراسة وفهم التغيرات الهرمونية يحسن العلاجات
يرى جي. توماس رويز، طبيب النساء في MemorialCare Orange Coast Medical Center، أن دراسة تأثيرات الحمل على الدماغ قد تؤدي إلى تطوير علاجات أفضل لمشاكل مثل الاكتئاب بعد الولادة، وفهم كيفية تفاعل الهرمونات مع الجهاز العصبي يمكن أن يساعد الأطباء على تطوير طرق علاج أكثر فعالية للحالات النفسية التي قد تواجه النساء بعد الحمل.