وداعًا للمسكنات الأفيونية: خيارات جديدة وفعّالة لإدارة الألم المزمن

في السنوات الأخيرة تزايدت المخاوف حول الإفراط في استخدام الأدوية الأفيونية لعلاج الألم المزمن ما أدى إلى ما يُعرف بـ"أزمة الأفيونات"، فبينما كانت هذه المسكنات تُستخدم سابقًا كخيار أول لتخفيف الألم تبيّن أن مخاطرها - من الإدمان إلى الجرعات الزائدة- تفوق فوائدها في كثير من الحالات خاصة لدى كبار السن.

الأطباء اليوم يعيدون النظر في طرق إدارة الألم ويبحثون عن بدائل أكثر أمانًا وفاعلية خصوصًا أن الألم المزمن يصيب ملايين الأشخاص حول العالم ويؤثر سلبًا على جودة حياتهم ووظائفهم اليومية.

جراحة بسيطة تعيد لكبار السن القدرة على المشيكبار السن أكثر عرضة للمضاعفات

لماذا كبار السن أكثر عرضة للمضاعفات؟

مع التقدم في العمر يتباطأ أيض الأدوية داخل الجسم بسبب التغيرات التي تصيب الكبد والكلى والدورة الدموية، وهذا يعني أن الأدوية وخاصة الأفيونية قد تبقى لفترات أطول في الجسم مسببة تأثيرات جانبية خطيرة مثل النعاس والدوار والهذيان أو حتى السقوط والكسور.

لذلك يشدد الأطباء على ضرورة استخدام نهج متكامل يجمع بين الأدوية غير الأفيونية والعلاجات غير الدوائية لتقليل الألم دون المخاطر المرتبطة بالأفيونات.

تناول الأدوية أثناء الصيامالأدوية غير الأفيونية 

الأدوية غير الأفيونية: خيارات فعّالة وآمنة

تُعتبر الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين والنابروكسين من أكثر البدائل شيوعًا لتخفيف آلام المفاصل والظهر، كما يُعد الباراسيتامول (الأسيتامينوفين) خيارًا آمنًا نسبيًا في الجرعات المعتدلة.

أما في حالات الألم العصبي المزمن فقد أظهرت الدراسات فعالية أدوية مثل جابابنتين ودولوكسيتين (وهو من مضادات الاكتئاب من نوع SNRIs) في تقليل الألم وتحسين المزاج والنوم لدى المرضى، كما يمكن استخدام الكريمات الموضعية التي تحتوي على الكابسيسين أو الليدوكايين لتخفيف الألم دون التأثير على باقي الجسم.

العلاجات غير الدوائية: الجسم والعقل معًا

لم تعد معالجة الألم مقتصرة على الدواء فقط بل تشمل اليوم أساليب شاملة تعتمد على ما يسمى بـ"النموذج الحيوي النفسي الاجتماعي" الذي يراعي الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية للمريض.

العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية يساعدان في تحسين الحركة وتقوية العضلات، بينما العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يساعد المرضى على التعامل مع الألم بطرق نفسية فعالة، ويقلل من الاعتماد على الأدوية.

كما أثبتت جلسات التحفيز الكهربائي للأعصاب (TENS) فعاليتها في تقليل الإحساس بالألم بحسب دراسة موسعة نُشرت في "Meta-TENS" عام 2022، والتي وجدت انخفاضًا واضحًا في شدة الألم أثناء وبعد الجلسات.

إجراءات طبية بديلة

في بعض الحالات يمكن اللجوء إلى حقن الكورتيزون أو حمض الهيالورونيك لتخفيف التهاب المفاصل أو التحفيز الكهربائي للنخاع الشوكي لتقليل الألم العصبي المزمن، وقد أظهرت دراسات حديثة أن هذه الإجراءات توفر تحسنًا ملحوظًا في الألم وجودة الحياة دون مخاطر الإدمان.

دور الفريق الطبي

يوصي الخبراء باتباع نهج جماعي في علاج الألم يضم الأطباء والممرضين والصيادلة وأخصائيي العلاج الطبيعي والنفسي لضمان خطة علاج متكاملة وآمنة، فالتعاون بين التخصصات يساعد على تقليل الاعتماد على الأفيونات وتحسين نتائج المرضى خاصة لدى كبار السن الذين يحتاجون إلى توازن دقيق بين تسكين الألم والحفاظ على الإدراك والحركة.