حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من الارتفاع المتسارع في معدلات سمنة الأطفال والمراهقين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرةً إلى أن عدد المصابين بزيادة الوزن أو السمنة بلغ 52 مليون طفل ومراهق تحت سن التاسعة عشرة بينهم 22 مليونًا يعانون من السمنة المفرطة.
ووفقًا لتقريرها الجديد بعنوان "Feeding Profit: How Food Environments are Failing Children" المنشور سبتمبر 2025، إن معدلات السمنة ارتفعت بين الفئة العمرية من 5 إلى 19 عامًا من 7.5% عام 2000 إلى 16% عام 2022 وهي من أسرع الزيادات في العالم، وتأتي هذه الزيادة في وقت تواجه فيه المنطقة أزمات غذائية حادة تهدد حياة ملايين الأطفال في مناطق الصراع.
السمنة بالرغم من الجوع
قال إدوارد بيغبدير، المدير الإقليمي ليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن المشهد الإقليمي يعكس مفارقة مؤلمة، موضحًا: "بينما يتناول ملايين الأطفال أطعمة مصنّعة تضر بصحتهم ونموهم ينام آخرون جياعًا في مناطق الحروب ويعانون من الهزال و سوء التغذية".
ففي السودان، أدى الصراع المستمر منذ عامين إلى انهيار الأنظمة الغذائية وتزايد خطر المجاعة في عدة مناطق، أما في قطاع غزة، فقد تسببت الحرب وقيود المساعدات الإنسانية في حرمان الأسر من الغذاء المغذي مع تأكيد وقوع مجاعة فعلية في مناطق القطاع.
الأطعمة المصنعة تسبب سمنة الأطفال
يحذر التقرير من أن الأنظمة الغذائية غير الصحية وخاصة تلك الغنية بالأطعمة والمشروبات فائقة التصنيع هي السبب الرئيسي وراء تفشي السمنة في صفوف الأطفال والمراهقين.
فقد أظهرت بيانات يونيسف أن 47% من المراهقين بين 15 و19 عامًا تناولوا مشروبًا غازيًا في اليوم السابق للمسح، بينما استهلك 73% أكثر من نوع واحد من الأطعمة أو المشروبات المحلّاة و37% تناولوا أكثر من صنف من الوجبات المالحة المصنعة.
كما كشف التقرير أن أكثر من 30% من الأطفال بين 6 و23 شهرًا لم يتناولوا أي فاكهة أو خضروات في اليوم السابق وأن 40% لم يحصلوا على أطعمة غنية بالبروتين مثل البيض أو اللحوم ما يعكس نقصًا واضحًا في المغذيات الأساسية خلال مرحلة النمو الأولى.
تُظهر بيانات التقرير أن التسويق المكثف للأطعمة المصنعة يلعب دورًا محوريًا في تغيير العادات الغذائية للأطفال حتى في الدول التي تعاني من أزمات إنسانية مثل لبنان حيث أبلغ أكثر من 80% من المراهقين عن تعرضهم لإعلانات تجارية لأطعمة ومشروبات غير صحية.
وفي الوقت ذاته، تواجه الأسر اللاجئة والنازحة صعوبة في الحصول على الغذاء الصحي ما يدفعها للاعتماد على منتجات غنية بالسعرات وفقيرة بالعناصر الغذائية وغالبًا ما تقدم المساعدات الغذائية سعرات حرارية أكثر من القيمة التغذوية ما يؤدي إلى زيادة الوزن من جهة واستمرار نقص الفيتامينات والمعادن من جهة أخرى.
أشارت يونيسف إلى بعض المبادرات الإيجابية في المنطقة مثل لبنان الذي حظر ترويج الأطعمة التجارية المخصصة للأطفال دون سن الثالثة وفرض وضع ملصقات تشجع على الرضاعة الطبيعية، وتؤكد المنظمة أن تحسين بيئة الغذاء للأطفال يتطلب إجراءات أوسع تشمل:
وقال "بيغبدير" في ختام حديثه: "لكل طفل في الشرق الأوسط الحق في أن ينشأ بصحة جيدة، لا جائعًا ولا سمينًا. لقد حان الوقت لبناء بيئة غذائية تضمن مستقبلًا صحيًا لأطفالنا".