بينما يشجع الخبراء دائمًا على النشاط البدني المنتظم، تكشف دراسة علمية جديدة أن المبالغة في ممارسة الرياضة قد تؤدي إلى نتائج عكسية خطيرة تصل إلى تسمم الدم وهو ما يسلّط الضوء على مخاطر التدريب الشديد دون تحضير كافٍ للجسم.
لطالما رُوّج لفكرة "تجاوز حدودك" في عالم اللياقة البدنية لكن دراسة نُشرت في مجلة International Journal of Sports Medicine تُظهر أن الجهد البدني المفرط يمكن أن يسبب استجابة جسدية مشابهة تمامًا لحالة الإنتان (Sepsis) أو ما يُعرف بـ"تسمم الدم".
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة Scientific American لاحظ الباحثون أن بعض الرياضيين الذين يخوضون سباقات التحمل الطويلة قد تظهر لديهم تغيرات دموية تماثل تلك التي تُرى في حالات تسمم الدم الحاد.
الإفراط في الرياضة يسبب تسمم الدم
قام الباحثون بأخذ عينات دم من 17 عدّاء شاركوا في سباق "ألترا ماراثون" استمر 24 ساعة لمسافة تراوحت بين 75 و130 ميلًا، أظهرت النتائج أنه أثناء السباق تسرّبت بكتيريا الأمعاء إلى مجرى الدم بسبب انخفاض تدفق الدم إلى الجهاز الهضمي نتيجة الإجهاد الشديد والصدمات البدنية المتكررة.
تلك البكتيريا أطلقت سمومًا في الدم حفّزت الجهاز المناعي وأدت إلى التهاب واسع النطاق ما جعل بعض العدّائين يعانون من ملف دموي مطابق للمرضى المصابين بتسمم الدم، وتُعد هذه الحالة خطيرة لأنها قد تكون قاتلة في حال لم تُشخّص وتُعالج سريعًا.
رغم خطورة النتائج لاحظ الباحثون أن العدّائين الأكثر تدريبًا تمتعوا بقدرة دفاعية طبيعية ضد هذا التأثير، فقد كانت أجسامهم قادرة على إنتاج مركّبات مضادة للالتهاب تحدّ من الاستجابة المناعية المفرطة بفضل التدرّب المنتظم والتأقلم التدريجي مع الجهد العالي.
وأشار الباحثون إلى أن حتى أربع ساعات فقط من التمرين المكثف قد تؤدي إلى تسرب بكتيري مشابه ما يجعل التدرج في التدريب والراحة الكافية أمرين حاسمين للحفاظ على سلامة الجسم.
مع تزايد الإقبال على سباقات الماراثون وسباق ترايثلون يحذر الأطباء من تجاهل الفحوص الطبية المسبقة قبل خوض مثل هذه التحديات، ويؤكدون أن التحضير البدني واللياقة القلبية والاهتمام بالتغذية والترطيب الكافي هي أساس الوقاية من الأضرار الفسيولوجية الخطيرة.
كما ينصح الخبراء بالالتزام بخطط تدريب تدريجية تتيح للجسم التكيف مع الضغط البدني المتزايد بدلًا من تعريضه لصدمات مفاجئة قد تسبّب انهيار الجهاز المناعي أو اضطرابات في الدورة الدموية.
التوازن في الرياضية مفتاح الصحة الجسدية
تكشف هذه الدراسة أن التوازن هو مفتاح الصحة الرياضية فبينما تساعد التمارين المنتظمة على الوقاية من أمراض القلب والسمنة فإن الإفراط فيها دون إعداد مناسب قد يؤدي إلى نتائج عكسية مدمّرة، ويذكّر الأطباء بأن "بناء جسد قوي لا يعني إرهاقه بل تدريبه بحكمة وبخطوات محسوبة".