لطالما ارتبط النجاح في أذهان الكثيرين بالاجتهاد والعمل المتواصل لكن دراسة حديثة تكشف أن الموهبة الطبيعية تحظى بتقدير أكبر من الجهد المبذول، ورغم الخطاب السائد حول أهمية الكفاح والالتزام، إلا أن أصحاب الموهبة الفطرية غالباً ما ينالون فرصاً وتقديراً يفوق ما يحصل عليه المجتهدون.
دراسة بجامعة لندن تكشف التحيّز
أجرت الباحثة شيا-جونغ تساي، من جامعة كوليدج لندن، سلسلة من الدراسات لاختبار هذا التحيّز، ففي تجربة أولى طُلب من 103 موسيقيين محترفين تقييم عازفين بناءً على ملفات مكتوبة ومقاطع أداء، المفاجأة أن العازفين كانوا في الحقيقة نفس الشخص لكن تم التلاعب بالملفات بحيث يبرز أحدها الموهبة الطبيعية بينما يركز الآخر على الخبرة والاجتهاد.
أظهرت النتائج أن الموسيقي الذي وُصف بكونه موهوباً فطرياً حصل على تقييمات أعلى من حيث الموهبة وفرص النجاح المستقبلي وحتى قابلية التوظيف، اللافت أن الخبراء الأكثر خبرة كانوا أكثر ميلًا إلى تفضيل الموهوب مقارنةً بالمبتدئين.
انتقلت "تساي" لتجربة ثانية في مجال ريادة الأعمال، حيث يُفترض أن الخبرة العملية والاجتهاد أساسيان، عُرضت ملفات متطابقة لرواد أعمال افتراضيين مع اختلاف بسيط: أحدهم وُصف بأنه موهوب طبيعي والآخر مجتهد ذو خبرة.
ورغم أن العينة شملت مجموعتين منفصلتين، إلا أن النتائج تكررت: المستثمرون قيّموا الموهوب على أنه أكثر قدرة وأكثر جاذبية للتوظيف وأكثر استحقاقاً للتمويل.
من الموسيقى إلى ريادة الأعمال
في تجربة إضافية، تبين أن أصحاب العمل مستعدون لتجاوز فجوات في الخبرة والذكاء لصالح من يُنظر إليهم على أنهم أصحاب موهبة فطرية، فقد أبدوا استعداداً لتوظيف شخص أقل خبرة بـ 4.5 سنوات وأقل في معدل الذكاء بـ 28 نقطة فقط لأنه بدا أكثر موهبة، والأكثر من ذلك أنهم كانوا مستعدين لدفع متوسط 39 ألف دولار إضافي سنوياً لهؤلاء الموهوبين.
تفتح هذه النتائج باب التساؤلات حول كيفية تقدير الجهد في بيئات العمل والدراسة خصوصاً أن الموهبة لا تكفي وحدها لتحقيق النجاح المستدام، غير أن الدراسة تكشف عن تحيّز متأصل يجعل من الصعب على العاملين المجتهدين لفت الانتباه ما لم يُظهروا كذلك علامات على الموهبة الطبيعية.