مع توسع خطط استيطان البشر في الفضاء تبرز تساؤلات حول كيفية التعامل مع الحالات الطبية الطارئة وعلى رأسها السكتة القلبية التي قد تصيب أي رائد فضاء، حيث كشفت دراسة حديثة عرضت في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية لـ أمراض القلب في مدريد عن الطريقة الأكثر فعالية لإجراء الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) في بيئة تنعدم فيها الجاذبية.
حتى الآن يتلقى رواد الفضاء تدريباً على ما يعرف بـ"طريقة الوقوف على اليدين" حيث يثبت المنقذ قدميه على الجدار ويضغط بيديه على صدر المريض لإحداث ضغط كافٍ، غير أن التجارب أظهرت أن هذه الطريقة لا توفر العمق الكافي للضغط المطلوب لضمان تدفق الدم بشكل يحافظ على حياة المريض.
القيود الحالية في محطة الفضاء الدولية
استخدم الفريق البحثي من University of Lorraine في فرنسا طائرة مدنية معدلة من قبل المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء لمحاكاة انعدام الوزن، كانت الطائرة تصعد لارتفاع عالٍ ثم تهبط بسرعة ما يخلق حالة انعدام الوزن لمدة 22 ثانية في كل مرة وهو ما تكرر نحو 30 مرة في الرحلة الواحدة.
خلال هذه التجارب جُرّبت عدة طرق منها "الاحتضان العكسي" وطريقة Evetts Russomano لكن جميعها فشلت في توفير الضغط الكافي لضخ الدم.
أظهرت النتائج أن جهاز الضغط الميكانيكي التلقائي على الصدر - وهو عبارة عن مكبس آلي- استطاع تحقيق عمق ضغط بلغ نحو 53 ملليمتراً مقارنةً بأقل من 35 ملليمتراً لطريقة الوقوف على اليدين، هذا العمق يتوافق مع التوصيات الدولية للإنعاش القلبي الرئوي ويكفي للحفاظ على تدفق الدم إلى الدماغ خلال السكتة القلبية.
وقال الباحث الرئيسي ناثان رينيت، طالب الطب في جامعة لورين: "كان الجهاز الآلي هو الوسيلة الوحيدة التي حققت العمق الموصى به دوليًا لضمان استمرار تدفق الدم إلى الدماغ في حالة توقف القلب".
الجهاز الآلي لضمان استمرار تدفق الدم إلى الدماغ في حالة توقف القلب
رغم فعالية الجهاز إلا أن اعتماده في المهمات الفضائية قد يواجه عقبات عملية مثل الوزن والمساحة المحدودة داخل المركبات الفضائية.
وأوضح "رينيت" أن خطر السكتة القلبية بين رواد الفضاء منخفض حالياً بسبب أعمارهم الصغيرة وخضوعهم لفحوص طبية دقيقة قبل السفر إلا أن المهام الطويلة مستقبلاً والسياحة الفضائية قد تزيد من احتمالات الطوارئ الطبية.
لا تقتصر أهمية هذه النتائج على الفضاء فقط بل قد تكون مفيدة على الأرض أيضاً، فالأجهزة الميكانيكية لضغط الصدر يمكن أن تلعب دوراً حيوياً في بيئات معزولة مثل الغواصات أو القواعد القطبية، حيث يصعب وصول فرق طبية متخصصة بسرعة.