يشير خبراء الصحة إلى أن السمنة يجب التعامل معها باعتبارها مرضاً بيولوجياً معقداً لا مجرد فشل شخصي أو ضعف إرادة، فالكثير من الأشخاص الذين يحاولون إنقاص أوزانهم يكتشفون أن الأمر أصعب مما توقعوا حتى مع الحميات القاسية أو التمارين المكثفة.
أحد الباحثين في National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases، وهو الدكتور كيفن هال، تابع مجموعة من المشاركين في البرنامج التلفزيوني الشهير The Biggest Loser بعد خسارتهم كميات كبيرة من الوزن، المدهش أن هؤلاء ظلوا يعانون للحفاظ على أوزانهم الجديدة حتى بعد مرور 6 سنوات على انتهاء البرنامج.
خسارة الوزن
أظهرت النتائج أن معظمهم استعاد جزءاً من الوزن المفقود، لكن الأمر الأكثر خطورة هو أن معدلات الأيض لديهم كانت أبطأ بكثير من المتوقع لشخص بنفس أحجامهم، بعض المشاركين مثل داني كاهيل، كان يحرق يومياً نحو 800 سعرة حرارية أقل مما يفترض أن يحرقه شخص في مثل وزنه، ما جعل الحفاظ على الوزن شبه مستحيل.
يشير خبراء السمنة مثل الدكتور مايكل شوارتز إلى أن الجسم يمتلك ما يُعرف بـ"نقطة التوازن" التي يحاول الحفاظ عليها، فعندما ينخفض الوزن عن المستوى الأصلي يبدأ الجسم في إطلاق إشارات لاستعادته سواء عبر خفض معدلات الأيض أو زيادة الإحساس بالجوع.
هذا ما أكدته أيضاً تقارير نشرتها New York Times، موضحة أن الدماغ يلعب دوراً أساسياً في تحديد عدد السعرات التي يستهلكها الجسم ويخزنها، وعندما يفقد الشخص كمية كبيرة من وزنه بسرعة يحتاج الدماغ فترة طويلة حتى يقبل الوزن الجديد كحالة طبيعية.
من المثير للاهتمام أن فقدان الوزن لا يعني التخلص من الخلايا الدهنية نفسها بل تفريغها فقط، هذه الخلايا تبقى موجودة وكأنها "جائعة"، ما يدفع الجسم إلى محاولة إعادة ملئها، إلى جانب ذلك لاحظ الباحثون انخفاضاً ملحوظاً في مستويات هرمون "اللبتين" المسؤول عن تنظيم الشهية، ما يجعل الأشخاص يشعرون بجوع مستمر، بينما يضمن الأيض البطيء تخزين أي سعرات إضافية بسهولة.
دور الخلايا الدهنية والهرمونات
ورغم الصورة القاتمة التي ترسمها هذه النتائج يؤكد الخبراء أن فقدان الوزن والحفاظ عليه ليس أمراً مستحيلًا، بل يتطلب استراتيجيات أكثر مرونة حيث يشير بعض الأطباء إلى أن الحميات الشخصية المصممة بناءً على طبيعة كل فرد قد تمثل مستقبل التحكم في الوزن، كما يحذرون من تقليد التجارب التلفزيونية مثل The Biggest Loser إذ أن فقدان الوزن السريع جداً يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات بيولوجية يصعب تصحيحها لاحقاً.
لا يزال العلم أمامه طريق طويل لفهم العلاقة المعقدة بين الدماغ والهرمونات وخلايا الجسم في ما يتعلق بالوزن لكن من الواضح أن الجسم لا يتخلى بسهولة عن دهونه بل يقاوم فقدانها عبر آليات تطورت عبر آلاف السنين لحماية الإنسان من المجاعات.