منذ الشهور الأولى من عمرهم يُظهر العديد من الأطفال اهتماماً بالشعر، فالرُّضع يشدّون شعر أمهاتهم لجذب الانتباه والأطفال الصغار قد يستخدمونه كوسيلة تعبير عن الغضب أو اللعب، لكن عندما يبدأ الطفل بشدّ شعره هو نفسه يشعر الأهل بالقلق خاصة وأن سلوك شد الشعر غالباً ما يُربط عند الكبار بالتوتر أو الاضطرابات النفسية.
يعرف اضطراب شدّ الشعر طبياً باسم Trichotillomania وهو حالة صحية نفسية تدفع الشخص إلى شدّ شعره بشكل لا إرادي ومتكرر، في الغالب يبدأ من فروة الرأس لكنه قد يشمل أيضاً الرموش أو الحاجبين أو أي مكان آخر ينمو فيه الشعر.
يُصنّف شد الشعر ضمن "السلوكيات المتكررة المركزة على الجسم" (Body-Focused Repetitive Behaviors - BFRBs) وهي سلوكيات مثل قضم الأظافر أو عض الشفاه أو خدش الجلد، كما تشير إلى سلوكيات مرتبطة باضطراب الوسواس القهري (OCD) رغم أنها ليست متماثلة معه تمامًا في التشخيص أو العلاج.
ما هو اضطراب شدّ الشعر (Trichotillomania)؟
ويحدث شد الشعر بنمطين:
الشد التلقائي، حين يشد الطفل شعره دون وعي، غالباً أثناء شعوره بالملل أو الشرود.
الشد الواعي، حيث يدرك الطفل أنه يشد شعره ويتعمد ذلك.
غالبية الأطفال المصابين بالاضطراب يقومون بكلا السلوكين.
تشير التقديرات إلى أن ما بين 1 إلى 3% من الناس قد عانوا من Trichotillomania في مرحلة ما من حياتهم وعادة ما يبدأ الاضطراب في سن 10 إلى 13 عامًا، بحسب "What To Expect".
لكن بعض الأطفال يُظهرون هذا السلوك في سن مبكرة جداً حتى قبل سن الخامسة فيما يُعرف أحياناً بـ"trich الطفولي"، في هذه السن الصغيرة لا يكون شدّ الشعر مرتبطاً بحالات مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات نفسية أخرى كما في البالغين بل يكون في الغالب سلوكاً حسياً مهدئاً.
كلا، شد الشعر عند الأطفال الصغار يشبه مص الإصبع من حيث كونه وسيلة للتهدئة الذاتية وغالباً ما يظهر حين يكون الطفل جالساً بهدوء في السرير أو المقعد أو أثناء مشاهدة التلفزيون، فالشعور بملمس الشعر قد يمنحه نوعًا من الراحة الحسية خاصة في أوقات التعب أو التوتر أو التغيير في الروتين.
كما تشير بعض الدراسات إلى أن BFRBs قد تكون وراثية فإذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من Trichotillomania فقد تزيد احتمالية ظهور السلوك عند الأطفال.
هل شدّ الشعر دائماً اضطراب نفسي؟
لا يلاحظ الأهل دائماً لحظة شدّ الشعر خاصة إذا حدث أثناء النوم لكن المؤشرات تشمل:
تساقط غير متناسق في الشعر أو وجود بقع صلعاء
بقايا شعر في سرير الطفل أو غرفته
ملاحظة وضع اليدين باستمرار على الرأس
بالنسبة للأطفال دون سن الخامسة غالباً ما يختفي هذا السلوك مع الوقت لكن يمكن للطبيب استبعاد الأسباب العضوية لتساقط الشعر وتحويل الحالة إلى اختصاصي سلوكي.
لا يكون العلاج لدى الصغار من خلال الجلسات المعرفية فقط، بل يعتمد على:
تقنيات الحجب: كارتداء قفازات خلال الأوقات التي يكثر فيها شد الشعر.
التحفيز الإيجابي: مثل تقديم مكافآت بسيطة لتشجيع الطفل على التوقف.
بدائل حسية: كاستخدام ألعاب ذات ملمس خاص أو فرشاة ناعمة تمر على الوجه والذراعين قبل النوم.
كما وجدت دراسات أن تقديم ألعاب تحتوي على شعر يساعد الأطفال في تفريغ حاجتهم الحسية دون الإضرار بأنفسهم.
كيف يمكن التعامل مع هذا السلوك؟
إذا سبب السلوك قلقاً للأسرة أو لاحظ الأهل تغيرات في فروة الرأس أو سلوك الطفل يُستحسن التوجه إلى طبيب الأطفال، وفي حالات نادرة قد يؤدي شد الشعر إلى مشكلات أكبر مثل تناول الشعر (trichobezoar) ما قد يسبب انسداداً معوياً، وتشمل الأعراض المصاحبة حينها آلام البطن أو الغثيان أو فقدان الوزن وتتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً، وقد تؤدي العادة إلى ندوب على فروة الرأس لكنها غالباً ما تكون مؤقتة ويعود الشعر للنمو مجدداً بعد توقف السلوك.