في زمن الأزمات المتلاحقة والأحداث المتسارعة أصبح كثير من الناس يقضون ساعات طويلة في تصفح الأخبار السلبية على هواتفهم دون توقف، فيما بات يُعرف عالمياً باسم "التمرير الكئيب" أو Doomscrolling، وهو سلوك يزداد شيوعاً بشكل مقلق ويهدد السلام النفسي والبدني لملايين من مستخدمي الإنترنت حول العالم.ما هو التمرير الكئيب؟
تمت صياغة مصطلح doom scrolling في عام 2020 خلال جائحة كوفيد-19 حين ازداد الاعتماد على الإنترنت لمتابعة تطورات الوباء، ومع تصاعد القلق وجد كثيرون أنفسهم عالقين في دوامة لا تنتهي من الأخبار المزعجة في محاولة لفهم الواقع أو التنبؤ بما هو قادم، حسب "health line".
يصف الخبراء هذا السلوك بأنه عادة قهرية تدفع الأشخاص لتصفح كميات كبيرة من الأخبار السلبية خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى مشاعر قلق وتوتر مفرط، بل وحتى الإحساس بأن كارثة ما تلوح في الأفق.
وقد أظهرت مراجعة أدبية نُشرت عام 2021 أن كثيرين غيروا عاداتهم الرقمية خلال الجائحة وبدأوا في السهر لساعات متأخرة، بحثاً عن أعراض جديدة أو حالات إصابة في محاولة لملء فراغات معرفية.
أظهرت دراسة نُشرت عام 2024 وشملت مشاركين من الولايات المتحدة وإيران أن "التمرير الكئيب" يرتبط بزيادة القلق الوجودي والنظرة المتشائمة للعالم. كما ربطت دراسة أخرى نُشرت عام 2023 في تركيا بين هذا السلوك وارتفاع معدلات الاكتئاب والضغط النفسي لدى الناجين من الزلازل.
ولا يقتصر الأمر على الصحة النفسية بل يمتد إلى الجسد إذ قد يعاني المفرطون في التمرير من أعراض مثل الصداع وفقدان الشهية وتوتر العضلات وآلام الرقبة والكتف وصعوبة في النوم.
تشير مقالة حديثة من American Psychological Association إلى أن تلقي المعلومات حتى السلبية منها قد يؤدي إلى إفراز كمية صغيرة من الدوبامين وهو ما يمنح شعوراً مؤقتاً بالراحة، كما توضح أن الهواتف الذكية بتنبيهاتها المستمرة تجعل من الصعب مقاومة الإغراء اليومي لمتابعة كل جديد.
ينصح الخبراء بعدة طرق لمساعدة الأفراد على التوقف عن doom scrolling، من بينها:
تحديد وقت التصفح: يمكن استخدام خاصية ضبط الوقت في الهواتف للحد من الاستخدام اليومي لتطبيقات الأخبار ومواقع التواصل.
حذف التطبيقات الإخبارية: إزالة هذه التطبيقات من الهاتف قد يحدّ من الدافع اللاواعي للمتابعة المستمرة.
طلب دعم من المقربين: يمكن أن يساعد أفراد الأسرة أو الأصدقاء في التنبيه إلى تكرار هذا السلوك وتذكير الشخص بضرورة التوقف.التمرير الكئيب يؤثر على الصحة النفسية
الاستراحة الرقمية: في بعض الحالات يُفضل أخذ استراحة مؤقتة من التكنولوجيا، وإذا كان هناك قلق من تفويت أخبار هامة يمكن الاعتماد على صديق لنقل أهم المستجدات.
وإذا استمر السلوك يوأثر بشكل كبير على الصحة النفسية أو الجسدية يُنصح بالتواصل مع مختص نفسي يمكنه تقديم الدعم اللازم.