يعتبر السعي وراء الكمال حلماً مشتركاً بين الكثير من الطلاب لكن المشكلة تكمن في أن الكمال غير قابل للتحقيق، هذا الهوس المثالي يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية خاصةً بين طلاب الجامعات، تشير الدراسات إلى أن مستويات الكمالية بين الشباب قد ازدادت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، ما ساهم في ارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، حسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA).
الكمالية هي السعي لتحقيق معايير عالية
الكمالية هي أكثر من مجرد السعي لتحقيق معايير عالية إنها تتكون من 3 عناصر رئيسية: وضع معايير غير واقعية، النقد الشديد للذات والآخرين، والاعتماد الكامل على تحقيق هذه المعايير لتحديد القيمة الذاتية، يعاني الطلاب الذين يتسمون بالكمالية من فشل في تقدير إنجازاتهم ويقتصر تركيزهم على عيوبهم فقط، ورغم أن الكمالية قد تدفع البعض للنجاح إلا أنها ترتبط بمشاكل صحية ونفسية خطيرة.
لا تعتبر الكمالية اضطراباً بحد ذاتها لكنها تعتبر عاملاً مساعداً في نشوء العديد من الاضطرابات النفسية وفقاً لدراسة نُشرت Journal of Abnormal Psychology، حيث ترتبط الكمالية بعددٍ من الحالات النفسية مثل القلق الاجتماعي، واضطراب الوسواس القهري، واضطرابات الأكل، والاكتئاب، إذ يمكن أن تؤدي هذه الصفات إلى زيادة الشعور بالانعزال الاجتماعي، ما يزيد خطر المعاناة من اضطرابات نفسية خطيرة.
الكمالية الذاتية: يسعى الفرد لتحقيق معايير غير واقعية وضعها لنفسه، ما يسبب له مستويات عالية من التوتر.
الكمالية المفروضة اجتماعياً: تكون معايير الكمال مفروضة من قبل العائلة أو المجتمع، هذا النوع من الكمالية يرتبط بزيادة معدلات القلق والاكتئاب.
الكمالية المفروضة على الآخرين: يضع الشخص معايير غير قابلة للتحقيق على من حوله، ما يؤدي إلى مشاكل في العلاقات والصراعات الشخصية.
التربية والعوامل الثقافية تعزز مفاهيم الكمال
تتعدد العوامل التي تساهم في ظهور الكمالية ومن بينها العوامل البيولوجية مثل الوراثة، والعوامل الداخلية مثل طريقة التربية، والعوامل الثقافية التي تروج للقيم الفردية والتنافسية، وفي المجتمعات الحديثة تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تعزيز مفاهيم الكمال من خلال الصورة المثالية التي تعرضها، ما يساهم في زيادة الضغوط النفسية على الطلاب.
يمكن أن تظهر الكمالية بطرق مختلفة من شخص لآخر، تشمل الأعراض سلوكيات تدفع الشخص إلى الحفاظ على معاييره العالية أو تجنب المواقف التي تذكره بحاجته للكمال، ما يزيد من شعوره بالضغط والقلق.
يجب العيش بطريقة متوازنة وواقعية
للتعامل مع الكمالية، من الضروري مراجعة المعتقدات الشخصية حول الكمال يمكن للطلاب تقبل فكرة أن المعايير العالية لا يجب أن تكون دائماً هي المعيار الأساسي لتحقيق النجاح، الاسترخاء في بعض المعايير والاعتراف بأن "الكمال" ليس هدفاً قابلاً للتحقيق قد يساعد على تخفيف الضغوط النفسية.
ختاماً، من المهم أن يدرك الطلاب أن السعي وراء الكمال قد يكون عبئاً كبيراً على صحتهم النفسية، من خلال الوعي بالمخاطر المتعلقة بالكمالية يمكنهم اتخاذ خطوات لتقليل آثارها السلبية والعيش بطريقة أكثر توازناً وواقعية.