أظهرت الدراسات الحديثة أن العوامل النفسية لا تقل أهمية عن العوامل الجسدية في التأثير على الخصوبة لدى الرجال، فالتوتر الناتج عن الشجار المستمر سواء داخل المنزل أو في العمل يرفع مستويات هرمون الكورتيزول وهو الهرمون المسؤول عن الاستجابة للضغط النفسي، وارتفاع هذا الهرمون لفترات طويلة يؤدي إلى اضطراب في إفراز الهرمون المنشط للجسم الأصفر (LH) والهرمون المنشط للجريب (FSH) من الغدة النخامية وهما الهرمونان المسؤولان عن تحفيز الخصيتين لإنتاج التستوستيرون والحيوانات المنوية.
وقد ذكرت دراسة في مجلة "Fertility and Sterility" أن الرجال الذين يعيشون تحت ضغط نفسي مزمن بما في ذلك الخلافات المتكررة مع الشريك، أظهروا انخفاضًا ملحوظًا في عدد الحيوانات المنوية وحركتها مقارنة بغيرهم من الرجال الذين يعيشون في بيئة مستقرة.
تأثير الشجار المتكرر على الغدة النخامية
يُعتبر هرمون التستوستيرون العامل الأساسي في الحفاظ على الصحة الإنجابية للرجل، لكن عند تكرار المشاجرات يتراجع إنتاج هذا الهرمون بسبب تثبيط محور الاتصال بين الدماغ والغدة النخامية والخصيتين، فهذا الاضطراب يؤدي إلى ضعف في تكوين الحيوانات المنوية وانخفاض الرغبة الجنسية.
وفي دراسة نُشرت في مجلة "Andrology" لوحظ أن مستويات التستوستيرون لدى الرجال الذين يعانون من توتر مستمر بسبب خلافات زوجية كانت أقل بنسبة من 15 إلى 20% من المعدل الطبيعي.
تأثير الشجار على صحة الحيوانات المنوية
لا يقتصر تأثير الشجار على الهرمونات فحسب بل يمتد أيضًا إلى المستوى الخلوي، فالإجهاد النفسي المزمن يؤدي إلى زيادة إنتاج الجذور الحرة داخل الجسم وهي جزيئات تسبب تلفًا في مكونات الخلايا.
في الحيوانات المنوية يسبب هذا ما يعرف بـ"الإجهاد التأكسدي" الذي يؤدي إلى تلف في الحمض النووي (DNA) وتقليل قدرة الحيوان المنوي على تخصيب البويضة.
كما أكد بحث نُشر في مجلة "Human Reproduction" أن الرجال الذين يعانون من مستويات مرتفعة من التوتر أظهروا نسبًا أعلى من تلف الحمض النووي داخل خلايا الحيوانات المنوية مما قد يفسر حالات العقم غير المبرر لدى بعض الأزواج.
الشجار المتكرر لا يؤثر على الخصوبة بشكل مباشر فقط بل يشجع أيضًا على تبني سلوكيات غير صحية مثل التدخين أو إهمال النظام الغذائي وكلها عوامل تؤدي إلى تدهور جودة السائل المنوي، كما أن قلة النوم الناتجة عن التوتر المستمر تُضعف إنتاج الهرمونات الجنسية وتؤثر على نشاط الخصيتين.
ينصح الخبراء الرجال الذين يعانون من توتر مزمن بمحاولة تقليل مصادر الضغط من خلال التمارين الرياضية المنتظمة والنوم الكافي وممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق، كما يُعد التواصل الهادئ مع الشريك عاملًا مهمًا في استقرار الحالة النفسية وتحسين الصحة الإنجابية.