لطالما ارتبطت اللحية في المخيلة العامة بالرجولة والصلابة لكنها في المقابل لم ترتبط يومًا بالنظافة أو الوقاية من الأمراض بل إن بعض التجارب غير العلمية زعمت في وقت سابق أن اللحى قد تحتوي على بكتيريا ضارة، غير أن دراسة حديثة أجريت في Brigham and Women’s Hospital في بوسطن قلبت هذه الفرضيات رأساً على عقب وأثبتت أن وجود اللحية قد يكون عاملاً واقياً من العدوى البكتيرية.
أجرى الباحثون تجربة على أكثر من 400 موظف في المستشفى شملت أصحاب اللحى وغيرهم ممن يحلقون وجوههم بانتظام، وكانت النتيجة مفاجئة إذ أن الأشخاص الذين يطلقون لحاهم كانوا أقل عرضة لحمل بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين، والمعروفة اختصاراً باسم MRSA، وهي من أخطر أنواع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
دراسة داخل المستشفى
ويُرجّح الباحثون أن السبب يعود إلى عملية الحلاقة ذاتها حيث تُحدث شفرات الحلاقة جروحاً مجهرية في البشرة مما يخلق بيئة خصبة تسمح للبكتيريا الضارة بالنمو والتكاثر.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد استعان فريق البرنامج التلفزيوني البريطاني BBC’s Trust Me I’m a Doctor بخبير أحياء دقيقة لفحص عينات من لحى أكثر من 100 رجل، وأظهرت النتائج وجود أنواع متعددة من البكتيريا غير الضارة لكن المفاجأة الحقيقية كانت في اكتشاف عينات تحتوي على بكتيريا تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا الأخرى.
وأشار الخبير إلى أن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها من خلال "حرب البقاء" التي تخوضها الكائنات الدقيقة فيما بينها، فبعض أنواع البكتيريا طورت آليات دفاعية قوية عبر إفراز مواد ذات خصائص مضادة للبكتيريا المنافسة وهو ما قد يحمي الجلد وصاحبه من العدوى.
من منظور تطوري لا يبدو الأمر غريباً، فالبشر في عصور ما قبل التاريخ لم يكن لديهم القدرة على إزالة شعر الوجه ولم يكن من المنطقي أن تبقى سمة جسدية ضارة عبر الأجيال، وجود اللحية ربما لعب دوراً في تعزيز المناعة الطبيعية وحماية الجلد من مسببات الأمراض في بيئات مختلفة.
ورغم النتائج المبشّرة، يبقى السؤال قائمًا: كيف يمكن العناية باللحية لتظل عنصر حماية فعّالاً لا عامل خطر؟ ينصح الأطباء وخبراء الجلدية بضرورة غسل اللحية بانتظام باستخدام شامبو لطيف مع تجفيفها جيداً لتجنّب تراكم الرطوبة التي قد تخلق بيئة مناسبة للبكتيريا الضارة.
العناية باللحية لتظل عنصر حماية فعّالاً لا عامل خطر
لم تعد اللحية مجرد مظهر يعكس الطابع الذكوري أو موضة رائجة بل قد تحمل دوراً صحياً لم يكن متوقعاً، هذه النتائج الحديثة تمنح الرجال سبباً إضافياً للتفكير مرتين قبل الإقدام على الحلاقة اليومية إذ ربما تكون اللحية وسيلة طبيعية لتعزيز الدفاعات ضد البكتيريا.