حذّرت دراسة حديثة من أن تدمير غابات الأمازون لا يهدد البيئة فحسب بل قد ينعكس سلباً أيضاً على صحة الإنسان، حيث كشفت الدراسة التي نُشرت في مجلة Communications Earth & Environment أن معدلات بعض الأمراض كانت أقل في المناطق التي تتمتع بغابات محمية وتدار من قبل السكان الأصليين.
يشير الباحثون إلى أن نتائج الدراسة تدعم ما تؤمن به مجتمعات السكان الأصليين منذ زمن طويل: أن صحة الإنسان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصحة النظام البيئي الذي يعيش فيه.
يقول فرانثيسكو هيرنانديز كايتانو، رئيس اتحاد مجتمعات تيكونا وياغوا في الأمازون السفلي في بيرو (FECOTYBA): "الرجل والغابة كيان واحد، لطالما ارتبطت صحة الإنسان بصحة البيئة الطبيعية التي يعيش فيها".
ويضيف: "إذا لم تضمن الدول حقوق السكان الأصليين وأراضيهم فسوف نضر بصحتهم وحياتهم والنظام البيئي بأكمله".
صحة الإنسان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصحة النظام البيئي الذي يعيش فيه
اعتمدت الدراسة على فحص جودة الغابات والاعتراف القانوني بأراضي السكان الأصليين ومعدلات الأمراض في دول الأمازون المختلفة، وخلص الباحثون إلى أن وجود غابات سليمة وكثيفة أدى إلى انخفاض في حالات أمراض الجهاز التنفسي والأمراض المعدية مثل الملاريا.
أشارت ماغدالينا هورتادو، أستاذة الأنثروبولوجيا والصحة العالمية في جامعة ولاية أريزونا بمدينة تيمبي، والتي راجعت نتائج الدراسة، إلى أن حماية الصحة لا تتحقق إلا عندما يتجاوز الغطاء الحرجي نسبة 40%.
وتساءلت: "لماذا 40% بالتحديد؟ لماذا ليست 35% أو نسبة أخرى؟"، لكنها أكدت أن النتائج رغم كونها مبنية على الارتباط الإحصائي تمثل خطوة مهمة في فهم العلاقة بين البيئة وصحة الإنسان.
وصفت هورتادو النتائج بأنها تربط بين حقوق السكان الأصليين وفوائد صحية يمكن قياسها، مضيفة أن هذا النوع من الأبحاث يمكن أن يشجع دراسات مماثلة في مناطق أخرى من العالم.
قالت باولا بريست، المؤلفة المشاركة في الدراسة ومنسقة البرامج في International Union for Conservation of Nature، إن النتائج تُظهر ضرورة وضع سياسات تحقق توازناً بين الاحتياجات الاقتصادية ومتطلبات الصحة العامة، مؤكدة أن العالم بحاجة إلى أراضٍ توفر خدمات اقتصادية وفي الوقت نفسه تحافظ على صحة الإنسان.
توازن بين الاقتصاد والصحة
من جانبها أوضحت كريستي إيبي، من جامعة واشنطن في سياتل، أن البحث يبرز مدى تعقيد تأثير النظم البيئية على صحة الإنسان، مؤكدة أن الأساليب المستخدمة في الدراسة يمكن تطبيقها على مناطق أخرى لاكتشاف العلاقات الصحية والبيئية هناك.
أكد "كايتانو" أن مثل هذه الدراسات تجعل المعرفة التقليدية للسكان الأصليين أكثر وضوحاً ودقة، مشدداً على أهمية استمرار الأبحاث التي تبرز العلاقة المتبادلة بين حماية الغابات وتحسين صحة المجتمعات المحلية.