كشفت دراسة حديثة من كلية الطب بجامعة هارفارد ونُشرت في مجلة Proceedings of the Royal Society - Biological Sciences، أن الشعور بالوحدة قد يكون له تأثيرات صحية خطيرة تصل إلى حد مماثل لأضرار التدخين.
تشير النتائج إلى أن فترات العزلة الاجتماعية تدفع الجسم إلى الدخول في حالة "الكر والفر" وهي استجابة فسيولوجية تعود جذورها إلى العصور القديمة عندما كان البقاء وحيداً يعني تهديداً مباشراً من الحيوانات المفترسة.
في هذه الحالة ينتج الجسم كمية أكبر من البروتين المتجلط في الدم وهو عنصر أساسي في عملية التجلط والاستجابة للإصابات، غير أن ارتفاع مستوياته بشكل مزمن يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وتراكم الترسبات الدهنية في الأوعية ما يرفع خطر الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية.
الوحدة واستجابة الجسم للضغط
عند مقارنة الأشخاص الذين يتمتعون بشبكات اجتماعية قوية بآخرين لديهم عدد محدود من العلاقات تبين أن مستويات البروتين المتجلط في الدم لدى المنعزلين أعلى بكثير.
الأفراد الذين لديهم تواصل منتظم مع خمسة أشخاص فقط سجلوا مستويات بروتين أعلى بنسبة 20% مقارنة بمن لديهم 25 شخصاً في حياتهم.
النتيجة الأكثر إثارة للانتباه كانت أن غياب نحو عشرة أصدقاء إضافيين يعادل من حيث تأثيره على الجسم نفس الأضرار الناتجة عن التدخين.
قال الدكتور مايك نابتون، المدير الطبي المساعد في مؤسسة القلب البريطانية، لصحيفة Telegraph: "لا يمكننا أن نستنتج من هذه الدراسة أن العزلة الاجتماعية تسبب مباشرة أمراض القلب لكن فكرة أن العوامل الاجتماعية يمكن أن تؤثر على بروتين في الدم تمثل مجالاً مهماً لمزيد من الأبحاث".
لم تكن هذه النتائج معزولة؛ فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة يورك، أن الأشخاص الذين يعانون من الوحدة لديهم احتمالية أعلى بنسبة 30% للإصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض القلب مقارنة بغيرهم.
كما أظهرت دراسة في أمستردام أن كبار السن الذين يشعرون بالوحدة يواجهون ضعف احتمالية الإصابة بالخرف مقارنة بنظرائهم الأكثر اندماجًا اجتماعيًا.
الإصابة بالسكتة الدماغية
رغم هذه النتائج المقلقة، يرى بعض الباحثين أن الوحدة ليست بالضرورة مشكلة إذا تعلم الفرد تبني مفهوم "الوحدة الإيجابية" أي تقبّل فترات العزلة برضا واستعداد نفسي، هذا التصور قد يخفف من استجابة "الكر والفر" ويحول الوحدة من عامل تهديد إلى فرصة للتأمل والراحة.