الحرارة المرتفعة تزيد خطر انقطاع النفس أثناء النوم

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Communications أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يرتبط بزيادة احتمال الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea - OSA) وهي حالة شائعة قد تؤثر بشكل خطير على جودة النوم والصحة العامة.

ارتفاع درجات الحرارة بالصيفتأثير ارتفاع درجات الحرارة 

بيانات من أكثر من 100 ألف مستخدم لجهاز مراقبة النوم

اعتمد الباحثون في الدراسة على تحليل بيانات 116,620 مستخدماً لجهاز مراقبة النوم المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على مدار 3 سنوات ونصف، قاد فريق البحث الدكتور باستيان لوشا من جامعة فليندرز في أديليد - أستراليا، وهدفوا إلى قياس تأثير درجات الحرارة المحيطة على شدة انقطاع النفس الليلي.

ووفقاً للدراسة، فإن الفرق بين الليالي ذات درجات الحرارة المرتفعة جداً (27.3 درجة مئوية) وتلك ذات الحرارة المعتدلة (6.4 درجة مئوية) ارتبط بزيادة احتمال الإصابة بانقطاع النفس بنسبة 45% في الليلة الواحدة.

خسائر صحية واقتصادية بسبب اضطرابات النوم المرتبطة بالحرارة

انقطاع النفس النوميخسائر صحية واقتصادية بسبب اضطرابات النوم المرتبطة بالحرارة

لم يتوقف تأثير ارتفاع درجات الحرارة على اضطرابات النوم فحسب بل شمل أيضاً آثاراً صحية واقتصادية أوسع، ففي عام 2023 تسببت الزيادة المرتبطة بارتفاع الحرارة في معدلات انقطاع النفس خلال النوم في فقدان ما يُقدر بـ788,198 سنة من سنوات الحياة الصحية في 29 دولة، إضافةً إلى خسائر اقتصادية بلغت نحو 30 مليار دولار نتيجة انخفاض الإنتاجية في أماكن العمل.

وبحسب سيناريوهات مستقبلية توقعت زيادة درجات الحرارة العالمية بما لا يقل عن 1.8 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية يُتوقع أن يتضاعف عبء الإصابة بانقطاع النفس حتى 3 مرات بحلول عام 2100.

تحذيرات من تفاقم الأزمة في غياب سياسات مناخية حازمة

علّق الدكتور لوشا على نتائج الدراسة قائلاً: "تُظهر نتائجنا أن عبء انقطاع النفس أثناء النوم قد يتضاعف بحلول عام 2100 نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات سياسية أقوى للحد من الاحترار العالمي".

وأضافت الدراسة أن آثار هذه الزيادة لن تقتصر على الصحة العامة بل ستؤثر على رفاه الأفراد وكفاءتهم في العمل ما يجعل من اضطرابات النوم المرتبطة بالمناخ تحدياً صحياً جديداً يجب إدراجه ضمن السياسات البيئية والصحية العالمية.

علاقة وثيقة بين البيئة وصحة النوم

تأتي هذه النتائج في وقت تزداد فيه الأدلة على أن تغير المناخ لا يؤثر فقط على النظم البيئية أو مستويات البحار بل يمتد تأثيره ليشمل وظائف الجسم الأساسية ومنها النوم، ويُعد انقطاع النفس أثناء النوم من أكثر اضطرابات النوم شيوعاً، حيث يؤدي إلى انقطاعات متكررة في التنفس أثناء الليل، ما يسبب النعاس نهاراً واضطرابات في التركيز وزيادة خطر الإصابة بـ أمراض القلب والسكري.

ما هي متلازمة قلة النومعلاقة وثيقة بين البيئة وصحة النوم

دور التكنولوجيا في رصد وتوثيق التأثيرات المناخية على الصحة

الدراسة استخدمت أجهزة مراقبة النوم القابلة للارتداء (nearable devices)، ما يعكس أهمية التكنولوجيا في توفير بيانات واسعة ودقيقة حول أنماط النوم على مستوى الأفراد والمجتمعات وفي ربطها بظروف بيئية مثل الحرارة والرطوبة.

بينما يبقى انقطاع النفس أثناء النوم مشكلة صحية تستوجب العناية الطبية تُسلّط هذه الدراسة الضوء على بعد جديد لها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغير المناخي وتأثيراته المتسارعة على الصحة العامة.