مع تقدم النساء في العمر تتغير أجسادهن بشكل ملحوظ، إذ يزداد تراكم الدهون في منطقة البطن وتحرق السعرات الحرارية ببطء ويقلّ مستوى النشاط البدني، وترتبط بعض هذه التغيرات بالشيخوخة، فيما يعود الكثير منها إلى تغيرات هرمونية خلال الانتقال إلى سن اليأس.
أشارت دراسة نُشرت في مجلة "Maturitas" عام 2024 إلى أن هذه المرحلة من الحياة تزيد خطر الإصابة بحالات أيضية مثل السمنة والسكري، بالإضافة إلى مرض الكبد الدهني غير الكحولي، المعروف حالياً باسم (metabolic dysfunction-associated steatotic liver disease (MASLD.
خلال سن اليأس يزداد خطر الأمراض الأيضية
أوضحت الدكتورة مونيكا كريسماس، المديرة المساعدة في The Menopause Society، أن التمييز بين تأثير سن اليأس نفسه وتقدم العمر أو نمط الحياة يُعدّ تحدياً، قائلة: "من الصعب جداً الفصل بين تأثير انخفاض هرمون الإستروجين وتغيرات العمر أو العوامل الأخرى".
حسب الدراسات، فإن النساء بعد سن الخمسين أكثر عرضة بنسبة 20% للإصابة بـmetabolic) dysfunction-associated steatohepatitis MASH)، وهو الشكل الأكثر شدة من MASLD، مقارنة بالرجال في نفس العمر، كما يُعد هذا المرض الآن السبب الرئيسي لعمليات زراعة الكبد بين النساء بعد انقطاع الطمث.
وتُظهر بعض الدراسات المبكرة التي شملت نماذج حيوانية وأبحاث رصدية محدودة أن انخفاض الإستروجين قد يسبب تراكم الدهون في الكبد حتى لدى النساء غير المصابات بالسمنة، ووجدت دراسة أخرى أن النساء المصابات بسرطان بطانة الرحم اللواتي خضعن لاستئصال المبايض كُنّ أكثر عرضة للإصابة بـMASLD بعد الجراحة ما يعزز الفرضية القائلة بأن فقدان الإستروجين يلعب دوراً مباشراً.
تقول الدكتورة جوانا ديستيفانو، من معهد "TGen" في أريزونا، إن الإستروجين قد يعمل كـ"بطانية واقية" للكبد، مضيفة أن النساء النحيفات اللواتي لا يعانين من اضطرابات أيضية قد يصبن بالمرض بعد انقطاع الطمث إذا كنّ يحملن استعداداً وراثياً لم يكن ظاهراً في ظل وجود الإستروجين.
وفي مراجعة أجرتها "ديستيفانو" عام 2020، أشارت إلى أن بعض النساء بعد سن اليأس اللاتي تناولن العلاج الهرموني أظهرن تحسناً في صحة الكبد، لكن الأبحاث لا تزال محدودة ومتضاربة، فقد خلصت دراسة نُشرت هذا العام في "Maturitas" إلى أن "عدد الدراسات السريرية قليل وبياناتها متضاربة".
في حين أن تناول الإستروجين عبر الفم قد يُضر بالكبد بسبب مروره من خلاله، تشير بعض الدراسات إلى أن إعطاء الإستروجين عبر الجلد -مثل اللصقات أو الجِل أو الحلقة المهبلية- قد يكون أقل ضرراً بل وربما مفيداً للكبد.
ووجدت دراسة أن معدل MASLD ازداد بين النساء اللواتي تناولن العلاج الهرموني الفموي، بينما انخفض بين من استخدمن العلاج الموضعي، ومع ذلك يقول باحثون إنه من غير المرجح أن يصف الأطباء العلاج الهرموني بهدف علاج الكبد، لكنه قد يُستخدم إذا كانت المريضة تعاني من أعراض شديدة لانقطاع الطمث.
يستخدم العلاج الهرموني لعلاج أعراض انقطاع الطمث
يُجري باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام حالياً تجربة عشوائية طويلة الأمد لدراسة تأثير لصقات الإستروجين منخفضة الجرعة على دهون الكبد والالتهاب والتليف لدى النساء المصابات بـMASLD أو MASH، كما يخطط فريق في جامعة أكسفورد لتتبع التغيرات لدى 10 نساء بدأن مؤخراً العلاج الهرموني لأول مرة.
تشير الأبحاث إلى أن نمط الحياة الصحي يلعب دوراً كبيراً في الوقاية من MASLD، حيث إن الحمية المتوسطية والتمارين الرياضية خاصة تدريبات المقاومة وتجنب التدخين والكحول والأطعمة المصنعة، جميعها عوامل تقلل من خطر تراكم الدهون على الكبد خاصة بعد سن اليأس.