أظهرت دراسة طبية حديثة نشرتها مجلة Diabetes Care، أن ارتفاع مستويات سكر الدم في مرحلة الطفولة والمراهقة قد يقود إلى مشكلات قلبية خطيرة في سن مبكرة، أبرزها تضخم عضلة القلب.
البحث الذي أجرته جامعة شرق فنلندا، بالتعاون مع مشروع "أطفال التسعينيات" بجامعة بريستول، وجد أن المراهقين الذين يعانون من ارتفاع سكر الدم بين سن 17 و24 عاماً معرضون للإصابة بتضخم البطين الأيسر بنسبة قد تصل إلى 3 أضعاف مقارنة بأقرانهم.
خطر يداهم الشباب مبكراً
ويُعد تضخم البطين الأيسر من أخطر الحالات المرتبطة بالقلب، إذ يؤدي إلى زيادة سماكة جدران القلب ويقلل من كفاءته في ضخ الدم مما يزيد من احتمالات الإصابة بـ أمراض القلب والأوعية الدموية لاحقاً.
الدكتور أندرو أغباجي، الباحث الرئيسي في الدراسة، أكد أن هذا الخطر لا يقتصر فقط على من يعانون من السمنة بل يمتد ليشمل من يبدون في حالة صحية جيدة من حيث الوزن، قائلاً: "حتى من يظهر عليهم أنهم في صحة جيدة قد يكونون في مسار خطير نحو أمراض القلب إذا كانت لديهم مقاومة إنسولين أو سكر دم مرتفع".
هذا التصريح يعيد النظر في الفرضيات التقليدية حول علاقة الوزن بالصحة القلبية، ويؤكد أهمية مراقبة المؤشرات الحيوية لدى جميع المراهقين بغض النظر عن مظهرهم الخارجي.
الخطر لا يقتصر على من يعانون من السمنة
واحدة من أبرز نتائج الدراسة أن تأثير سكر الدم المرتفع على القلب قد يكون أكثر حدة لدى الفتيات، حيث أوضح "أغباجي" أن الضرر القلبي الناجم عن السكر المرتفع يحدث لدى الإناث بمعدل أسرع بخمس مرات مقارنة بالذكور.
هذا الفارق اللافت يدق ناقوس الخطر، ويؤكد ضرورة التركيز الوقائي على الفتيات في سن المراهقة لا سيما في ظل التغيرات الهرمونية والسلوكية التي تصاحب هذه المرحلة العمرية.
الدراسة شملت نحو 1600 شاب وشابة وتم خلالها قياس مؤشرات سكر الدم وصحة القلب في عمر 17 و24 عاماً، باستخدام معيار الجمعية الأمريكية للسكري (ADA) الذي يحدد 5.6 مليمول/لتر كحد فاصل إلى جانب معيار دولي أكثر مرونة (6.1 مليمول/لتر).
ومن أبرز النتائج التي رُصدت:
انتشار ارتفاع سكر الدم حسب معيار ADA ارتفع من 6% إلى 27% خلال 7 سنوات فقط.
المراهقون الذين عانوا من سكر دم مرتفع كانوا أكثر عرضة لتضخم القلب بنسبة تصل إلى 300%.
مقاومة الإنسولين ارتبطت بزيادة خطر التلف القلبي المبكر بنسبة 10%.
الدهون الكلية في الجسم فسّرت نحو ثلثي التأثير القلبي السلبي لمقاومة الإنسولين.
المراهقون الذين عانوا من سكر دم مرتفع أكثر عرضة لتضخم القلب
هذه النتائج تشكل تنبيهاً واضحاً للآباء والأمهات ومقدّمي الرعاية الصحية، بضرورة مراقبة مستويات سكر الدم لدى المراهقين حتى في غياب أعراض ظاهرة أو زيادات ملحوظة في الوزن.
ووفقاً للباحثين، فإن الانتقال من مرحلة ما قبل السكري إلى الإصابة الكاملة بالنوع الثاني من السكري أصبح أسرع وأكثر شيوعاً بين الشباب، مما يستدعي تحركاً وقائياً عاجلاً يركز على التغذية الصحية والنشاط البدني المنتظم والفحوصات الدورية للكشف المبكر عن أي مؤشرات خطر.