لطالما تساءل العلماء عن احتمالية إصابة الأشخاص الذين لا يعانون من أي مشكلات في الذاكرة بالخرف مستقبلًا، إذا كانت لديهم تغيّرات بيولوجية مرتبطة بمرض الزهايمر، هذه التغيرات يمكن كشفها من خلال فحص "PET Amyloid" الذي يقيس تراكم بروتين الأميلويد في الدماغ، وهو أحد العلامات المبكرة للمرض.
دراسة حديثة نُشرت في مجلة "The Lancet Neurology" حاولت سد هذه الفجوة المعرفية عبر تتبع آلاف المشاركين لمعرفة مدى ارتباط شدة المؤشرات البيولوجية باحتمالات تطور الخرف مدى الحياة.
قياس كمية تراكم الأميلويد في الدماغ
أُجريت الدراسة على بيانات من "Mayo Clinic Study of Aging"، وهي دراسة سكانية بدأت منذ سنوات طويلة في ولاية مينيسوتا الأمريكية، شملت الدراسة:
-أكثر من 5 آلاف شخص يتمتعون بوظائف إدراكية طبيعية عند بدء المتابعة
-تزيد أعمارهم عن 50 عامًا
-إضافة إلى نحو 700 شخص مصاب بضعف إدراكي بسيط (MCI)
قام الباحثون بحساب خطر الإصابة: ضعف الذاكرة (MCI) أو الخرف أو الوفاة، وذلك على مدى 10 سنوات أو طوال الحياة باستخدام نماذج إحصائية متقدمة.
العامل الأكثر أهمية كان قيمة الأميلويد (Centiloid) وهي طريقة لقياس كمية تراكم الأميلويد في الدماغ، كما درس الباحثون تأثير العمر والجنس ووجود جين APOE ε4 المعروف بزيادة مخاطر الزهايمر.
تأثير الخرف على الدماغ
أظهرت النتائج أن خطر الإصابة بضعف الذاكرة والخرف يزداد بشكل متواصل كلما ارتفعت قيمة الأميلويد، وكانت هذه العلاقة واضحة لدى الرجال والنساء في كل الأعمار.
على سبيل المثال، بالنسبة لشخص يبلغ 75 عامًا ويحمل جين APOE ε4: عند قيمة Centiloid منخفضة (5) كان خطر الإصابة بـ MCI يصل إلى 56% للرجال و69% للنساء، وعند قيمة مرتفعة (100) ارتفع الخطر إلى 76% للرجال و84% للنساء.
وتبين أن حاملي جين APOE ε4 لديهم مخاطر أعلى بكثير من غير الحاملين له، والعمر كان عاملًا مؤثرًا بقوة بل أكثر تأثيرًا من البصمة البيولوجية نفسها في بعض المقاييس، كما أن الأشخاص الذين توقفوا عن متابعة الدراسة كانت لديهم معدلات خرف أعلى بمرتين من الذين استمروا فيها ما يشير إلى أهمية تتبع المشاركين بدقة.
توضح الدراسةأن المؤشرات البيولوجية للزهايمر ليست مجرد علامات صامتة بل ترتبط بخطر متزايد لحدوث الخرف مستقبلًا حتى لدى من يتمتعون بذاكرة طبيعية تمامًا اليوم.
وتشير النتائج إلى أهمية هذه المعلومات في:
-تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة
-تحسين تطوير وتصميم العلاجات المستقبلية
-تقديم نصائح مبكرة للأشخاص الذين لديهم تغيرات بيولوجية
كما تسهم النتائج في إنهاء جدلٍ أكاديمي طويل حول مدى دقة المؤشرات الحيوية في التنبؤ بمستقبل الحالة الإدراكية، وبحسب الباحثين فإن دمج نتائج من أشخاص خرجوا من الدراسة كان ضروريًا للحصول على تقدير حقيقي ودقيق لخطر الإصابة على مدى الحياة.