كشفت دراسة حديثة أُجريت في جامعة كيس وسترن ريزيرف الأمريكية عن تحول مهم في طريقة علاج مرض الفصام إذ يقترح الباحثون تركيز الجهود العلاجية على تحسين مهارات التفاعل الاجتماعي لدى المرضى بدلًا من الاعتماد على الأساليب الموحدة التقليدية.
قالت الدكتورة جيسيكا ووجتاليك، أستاذة مساعدة بكلية العلوم الاجتماعية التطبيقية في الجامعة: "لقد عالجنا الفصام لسنوات طويلة بطريقة واحدة تناسب الجميع لكننا اليوم نمتلك هدفًا محددًا يمكن أن يساعد المرضى الشباب على استعادة حياتهم بشكل أسرع".
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Psychiatry Research، حيث سلّط الباحثون الضوء على وظيفة دماغية أساسية تُعرف باسم "مهارات الاستدلال الاجتماعي" وهي قدرة الإنسان على "قراءة ما بين السطور" في المواقف الاجتماعية أي تفسير الإشارات الخفية مثل النبرة ولغة الجسد والتلميحات غير المباشرة.
ويُعد هذا النوع من الفهم الاجتماعي جزءًا محوريًا من التفاعل الإنساني وغالبًا ما يتأثر لدى المصابين بالفصام.
علاج مبتكر للفصام
يُعد الفصام من الأمراض النفسية المزمنة التي تؤثر على طريقة تفكير الفرد ومشاعره وسلوكه وغالبًا ما تبدأ أعراضه خلال مرحلة المراهقة عندما يكون الدماغ في طور النمو وفقًا لتقارير National Institute of Mental Health.
هذا التوقيت المبكر يجعل تأثير المرض طويل الأمد خصوصًا على العلاقات الاجتماعية والتعلم وضبط الانفعالات.
أظهرت نتائج الدراسة أن تحسين قدرة المريض على تفسير النبرة وفهم لغة الجسد والتعامل مع السخرية أو الدعابة يمكن أن يساعده على الاندماج في الحياة اليومية بشكل أفضل.
وتوضح الباحثة أنجو كوتواني، وهي طالبة دكتوراه بكلية العلوم الاجتماعية التطبيقية في الجامعة: "فكّر في مهارات الاستدلال الاجتماعي كأنها عمل يقوم به دماغك لفهم الآخرين فهي التي تجعلك تميّز بين من يقول أنا بخير بصدق ومن يقولها بنبرة تحمل استياءً أو سخرية".
تدريب جديد لمرضى الفصام
قام فريق البحث بدراسة 102 مريض في المراحل المبكرة من الفصام وتوصّل إلى أن الإدراك الاجتماعي أي قدرة الدماغ على فهم الإشارات الاجتماعية والاستجابة لها يمثل حلقة وصل حاسمة بين القدرات الإدراكية الأساسية والأداء اليومي للمريض.
وأشارت النتائج إلى أن برامج التدريب التي تُنمّي هذه المهارات عبر ألعاب حاسوبية تفاعلية أو أوراق عمل موجهة قد تكون أكثر فاعلية من الأساليب التقليدية التي تركز فقط على الذاكرة أو الانتباه.
يأمل الباحثون أن تُسهم هذه النتائج في تطوير برامج علاجية مجتمعية مخصصة للشباب الذين تم تشخيصهم حديثًا بالفصام بحيث تجمع بين تدريب القدرات الذهنية وفهم السلوك الاجتماعي لتحسين فرص التعافي الوظيفي.
وتقول كوتواني: "الجمع بين تنمية مهارات التفكير والفهم الاجتماعي يمنح الأمل الأكبر في التعافي الوظيفي المبكر لمرضى الفصام".