كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Environmental Research أن عمال المزارع الزراعية معرضون بدرجة مرتفعة لخطر الإصابة بأمراض الكلى نتيجة التعرض المستمر للحرارة المرتفعة والمواد الكيميائية الزراعية خاصة في المناطق الحارة مثل الحدود بين ولايتي أريزونا وسونورا في الولايات المتحدة.
أوضحت الباحثة الرئيسية رييتا واغونر، من جامعة أريزونا، أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في حالات أمراض الكلى بين الشباب الذين لا يعانون من عوامل الخطر التقليدية مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم، مشيرة إلى أن الحرارة الشديدة والمبيدات والمعادن السامة تُعد من أبرز العوامل المسببة لهذه الظاهرة.
علاقة الحرارة العالية والمواد الكيميائية بتلف الكلى
شملت الدراسة 77 عاملاً زراعياً يعملون في مزارع العنب على الحدود بين أريزونا وسونورا، جاء هؤلاء العمال من جنوب المكسيك خلال موسم الحصاد، حيث يبدأ عملهم في شهري فبراير ومارس ويستمر حتى نهاية الصيف.
قام الباحثون بجمع عينات يومية من الدم والبول لقياس معدلات المعادن الثقيلة مثل الزرنيخ (Arsenic) والكادميوم (Cadmium) والكروم (Chromium) وهي مواد شائعة في الأسمدة والمبيدات الزراعية، وأظهرت النتائج أن مستويات هذه المعادن كانت مرتفعة في بول العمال وارتبطت بشكل مباشر بمؤشرات تلف الكلى.
رصدت الدراسة أن درجات الحرارة في صحراء سونوران خلال موسم العمل تجاوزت 100 درجة فهرنهايت (حوالي 38 درجة مئوية) ما زاد من خطر الإجهاد الحراري بين العمال.
وأوضح الباحثون أن ارتفاع الحرارة يعزز التأثير الضار للمعادن الثقيلة على الكلى حيث تتفاعل الحرارة مع الزرنيخ والكادميوم داخل الجسم لتزيد من سميّتها وتضعف قدرة الكلى على تصفية الدم.
وقالت واغونر: "عندما نظرنا إلى الحرارة جنباً إلى جنب مع المعادن السامة لاحظنا أن التأثيرات كانت أسوأ بكثير مما لو درسنا كل عامل بمفرده".
من خلال متابعة القياسات الحيوية اليومية لاحظ الباحثون أن وظائف الكلى لدى العمال تراجعت تدريجياً مع مرور الموسم الزراعي، وأظهرت تحاليل الدم والبول ارتفاع مؤشرات الالتهاب والإجهاد الكلوي مع زيادة التعرض للمبيدات والحرارة.
ووفقًا للنتائج فإن هذا التدهور كان أكثر وضوحاً بين العمال الذين قضوا فترات طويلة تحت الشمس أو لم يحصلوا على فترات راحة كافية.
وظائف الكلى لدى العمال تراجعت تدريجياً مع مرور الموسم الزراعي
أكدت الباحثة أن الضرر الكلوي قابل للوقاية إذا تم اتخاذ الإجراءات المناسبة في بيئة العمل، وأوصت بضرورة توفير فترات راحة منتظمة ومياه شرب كافية ومشروبات غنية بالأملاح المعدنية (Electrolytes) لتعويض السوائل المفقودة، كما شددت على أهمية توفير مرافق صحية قريبة وتدريب العمال على كيفية التأقلم مع الظروف القاسية تدريجياً.
وأضافت "واغونر" أن بعض العمال يشربون مياه الآبار في مناطق تحتوي تربتها على نسب مرتفعة من اليورانيوم والزرنيخ، ما يزيد من خطر تراكم هذه المواد السامة في أجسامهم.
وقالت: "إذا بدأنا بتنفيذ إجراءات الوقاية مبكراً يمكننا تجنب حدوث مشكلات صحية مزمنة على المدى الطويل".