كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة The Lancet Obstetrics, Gynaecology, & Women’s Health أن النساء اللاتي يعانين من حالة الغثيان والقيء الشديد أثناء الحمل، المعروفة طبياً باسم Hyperemesis Gravidarum، أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية خطيرة مقارنةً بالحمل غير المصحوب بهذه الحالة.
زيادة في مخاطر الاضطرابات النفسية بعد الولادة
أجرى فريق بحثي من كلية كينغز لندن، بقيادة الدكتور هاميلتون مورين، دراسة واسعة النطاق شملت أكثر من 470 ألف سيدة حامل من قاعدة بيانات TriNetX، والتي تضم سجلات طبية إلكترونية مجهولة الهوية من 135 مؤسسة صحية في 18 دولة من الدخلين المتوسط والمرتفع.
قارن الباحثون بين النساء اللاتي تم تشخيص إصابتهن بالغثيان والقيء الشديد أثناء الحمل ومجموعة أخرى من النساء الحوامل دون هذه الحالة وذلك لدراسة احتمالات الإصابة بالأمراض العصبية والنفسية خلال العام الأول بعد التشخيص.
أظهرت النتائج ارتفاعًا ملحوظاً في احتمالات الإصابة بـ18 من أصل 24 اضطراباً نفسياً تم تحليلها، وكانت أعلى معدلات الخطر مرتبطة بحالات التهاب الدماغ الناتج عن نقص الثيامين (Wernicke encephalopathy) ومتلازمة إعادة التغذية واكتئاب ما بعد الولادة واضطرابات الأكل إلى جانب وصف أدوية مضادة للذهان.
وسجلت الدراسة نسب المخاطر النسبية لهذه الحالات عند (2.39، 2.57، 2.70، 2.06، و2.23) على التوالي ما يعني تضاعف احتمالية الإصابة بهذه الاضطرابات لدى المصابات بالغثيان والقيء الشديد.
في المقابل، لاحظ الباحثون انخفاضاً طفيفاً في احتمالية الإجهاض الاختياري بنسبة (0.77)، بينما لم تُظهر النتائج أي علاقة بين الحالة وبين الإصابة بالذهان غير الوجداني أو الاضطراب ثنائي القطب أو محاولات الانتحار.
الحاجة إلى رعاية متكاملة منذ بداية الحمل
أكد الدكتور توماس أ. بولاك، الباحث المشارك من كلية كينغز لندن، أن هذه النتائج تُبرز أهمية التعامل الجاد مع الغثيان والقيء الشديد كحالة طبية تتطلب رعاية نفسية وجسدية متكاملة منذ المراحل الأولى للحمل.
وقال في بيان له: "إن الغثيان والقيء الشديد أثناء الحمل يمكن أن يرتبطا باضطرابات نفسية حادة تستدعي التدخل الفوري وتنسيق الرعاية بين الأطباء النفسيين وأخصائيي النساء والتوليد لضمان سلامة الأم".
تشير هذه النتائج إلى ضرورة تعزيز الوعي لدى الأطباء والأمهات على حد سواء بأهمية الدعم النفسي خلال الحمل، خاصة في الحالات التي تعاني فيها المرأة من أعراض غثيان وقيء حادة قد تتجاوز حدود المعاناة الجسدية لتؤثر على صحتها النفسية وجودة حياتها بشكل عام.