كشفت دراسة علمية جديدة عن طفرات في الحمض النووي لفيروس التهاب الكبد (B HBV) قد تؤثر سلباً على فاعلية العلاج بدواء Tenofovir أحد أكثر الأدوية استخداماً في مكافحة الفيروس، ونُشرت هذه النتائج ضمن بحث تناول استبدالات محددة في نطاق النسخ العكسي من إنزيم بوليميراز الفيروس وأكد أن الطفرتين rtP177G وrtF249A تقللان من حساسية الفيروس تجاه الدواء ما يثير تساؤلات حول احتمالية تطوّر مقاومة لدى بعض المرضى.
طبق الباحثون تحليلاً معلوماتياً لاختيار مجموعة من الأحماض الأمينية المستهدفة في بوليميراز HBV ثم أجروا طفرات موجّهة عليها لتكوين سلالات جديدة من الفيروس، بعد ذلك تم قياس قدرة هذه السلالات على التكاثر ومدى استجابتها للعلاج بـ"Tenofovir" سواء في أنابيب الاختبار (in vitro) أو في نموذج حيواني حي عبر الحقن الهيدروديناميكي.
فاعلية دواء Tenofovir
من بين 19 طفرة تمت دراستها أظهرت الطفرتان rtP177G وrtF249A انخفاضاً ملحوظاً في استجابة الفيروس للعلاج، إذ بلغ مؤشر المقاومة لهما 2.53 و12.16 على التوالي، كما أثّرت طفرات أخرى مثل rtL77F وrtF88L على مستوى إنتاج مستضد السطح الفيروسي (HBsAg) ما قد يعكس تغيرات في البنية الفيروسية لها انعكاسات سريرية.
يمثّل ظهور هذه الطفرات تحدياً في مجال علاج التهاب الكبد B، خصوصاً أن Tenofovir يُعتبر حتى الآن من أكثر العلاجات فعالية بفضل الحاجز الجيني المرتفع لمقاومته، لكن النتائج الجديدة تُشير إلى أنه رغم هذا الحاجز قد تنشأ طفرات نادرة تؤثر على كفاءة العلاج وتدفع نحو التفكير في استراتيجيات بديلة.
ويؤكد الباحثون أن هذه الطفرات لم تقلل فقط من استجابة الفيروس للعلاج بل أثّرت كذلك على قدرته على التكاثر في بعض الحالات، وهو ما قد يحمل تبعات تتجاوز مجال التهاب الكبد، فمن المعروف أن فيروس HBV مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأورام الكبد وهو ما يجعل فهم سلوكه الجيني أمراً ضرورياً ليس فقط للوقاية من تدهور الحالة الكبدية بل أيضاً لتقليل مخاطر الأورام المرتبطة بالفيروس.
علاج التهاب الكبد B
تشدد الدراسة التي نُشرت في "pubmd" على أهمية الرصد الجيني للمرضى الذين يخضعون لعلاج طويل الأمد بـ"Tenofovir" لتحديد أي طفرات قد تظهر خلال فترة العلاج وتعديل الخطة الدوائية بناءً عليها، كما تُبرز ضرورة دعم الأبحاث التي تركز على تطوير أدوية جديدة قادرة على تجاوز مقاومة الفيروس.
ويأتي هذا البحث ليذكّر بأهمية الاستباق في التعامل مع الفيروسات المزمنة التي قد تتطور ببطء ولكن بثبات، مهددةً بإضعاف أدوات العلاج الحالية وفتح الباب أمام مضاعفات خطيرة مثل ورم الكبد أو الفشل الكبدي.