يواجه كثير من الآباء والأمهات تساؤلات متكررة حول قدرة طفلهم الصغير على التركيز خصوصاً حين ينتقل بسرعة بين الألعاب والأنشطة دون استكمال أي منها، لكن وفقاً للخبراء فإن تشتت الانتباه في مرحلة الطفولة المبكرة أمر طبيعي ومتوقع ويعكس طبيعة الدماغ في هذه المرحلة العمرية الحساسة.
الجزء الأمامي من الدماغ المعروف بدوره في التحكم في الانتباه والسلوك والاندفاع لا يكتمل نموه إلا بعد العشرين من العمر، وهذا يفسر لماذا لا يستطيع الأطفال الصغار التركيز لفترات طويلة.
في الواقع؛ يكون الطفل الدارج في مرحلة اكتشاف دائم للعالم من حوله مما يجعله سريع التشتت بطبيعته، ويتغير مدى انتباهه حسب حالته الجسدية والنفسية مثل الجوع أو التعب أو التحفيز الزائد في البيئة المحيطة.
تطور الدماغ وعلاقته بالانتباه
رغم غياب دراسات دقيقة حول مدة التركيز لدى الأطفال الصغار يقدّر الخبراء أن الطفل يستطيع التركيز لمدة تتراوح بين دقيقتين إلى ثلاث دقائق لكل سنة من عمره:
عمر السنة: دقيقة إلى دقيقتين تقريباً.
عمر السنتين: ثلاث إلى ست دقائق.
عمر الثلاث سنوات: من خمس إلى عشر دقائق تقريباً، بحسب نوع النشاط.
تزيد قدرة الطفل على التركيز تدريجياً مع تطور مهاراته اللغوية والاجتماعية مما يسمح له بالاندماج في الألعاب التفاعلية أو التظاهرية لفترة أطول.
رغم أن التركيز لا يُعلَّم كمهارة مباشرة فإن البيئة اليومية تلعب دوراً كبيراً في دعمه، إليك بعض الأساليب العملية التي تساعد في تعزيز قدرة الطفل على الانتباه:
طرق عملية لتعزيز تركيز الطفل
إذا لم يُبدِ الطفل اهتمامًا بنشاط معين لا يُنصح بإجباره عليه، يمكن التنويع بين قراءة القصص والغناء أو الحديث معه حول يومه بطريقة مبسطة، إذ أن التنوع يحافظ على تفاعله ويُنمّي مهاراته اللغوية والانتباهية.
يستجيب الأطفال بشكل أفضل للأنشطة التي يختارونها بأنفسهم، قد يُظهر اهتماماً برسم الأشكال بالطباشير أو صنع الطعام بألعاب العجين أو اللعب بالكرة، وجود أحد الوالدين كمشارك ومشجع يزيد من تركيزه وتفاعله.
ألعاب مثل "اتبع القائد" و"تجميد الحركة" تتطلب من الطفل الانتباه للأوامر والاستجابة لها مما يعزز قدرته على التركيز بطريقة ممتعة وتفاعلية.
تقليل الضوضاء والخلفيات المليئة بالمحفزات البصرية مثل التلفاز أو الشاشات يساهم في تحسين تركيز الطفل، اللعب المباشر والتفاعل مع البالغين أكثر فعالية من الوسائط الإلكترونية.
تشير دراسة منشورة في Infant Behavior and Development إلى أن الأطفال يلعبون لفترات أطول وأكثر إبداعاً عند وجود عدد قليل من الألعاب أمامهم لذا يُفضل عرض أربع ألعاب فقط في كل مرة بدلاً من تشتيت الانتباه بعدد كبير منها.
عند إعطاء تعليمات أو التحدث مع الطفل يُفضل الجلوس على مستواه البصري والنظر في عينيه، هذه الطريقة تعزز من فهم الطفل وتزيد من احتمالية استجابته للمواقف المختلفة.
متى تجب استشارة الطبيب؟
في حال لوحظ أن الطفل أكثر تشتتاً أو حركة من أقرانه في الحضانة أو الأماكن الاجتماعية يُستحسن التواصل مع طبيب الأطفال لمناقشة المخاوف، وتؤكد الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) أن تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) لا يُوصى به قبل سن الرابعة؛ للتطور السريع والطبيعي في سلوك الأطفال الصغار.
ومع ذلك، السلوكيات مثل الضرب أو العض المستمر قد تشير إلى صعوبات في الفهم أو التعبير، وهنا تصبح المتابعة الطبية ضرورية لضمان الدعم المناسب.