مع تقدم السكان في السن تتزايد أهمية البحث في سبل الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية والمعرفية في المراحل المتقدمة من العمر، ورغم أن دراسات عديدة ربطت بين التغذية الصحية والوقاية من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب وظهرت أيضاً أدلة على أن الأنظمة الغذائية عالية الجودة قد تطيل العمر، إلا أن الدراسات التي تركز على تأثير أنماط الأكل في منتصف العمر على الشيخوخة الصحية بشكل عام لا تزال محدودة.
فريق بحثي بقيادة الدكتور فرانك هو، من كلية هارفارد تي. إتش. تشان للصحة العامة، والدكتورة آن-جولي تيسييه، من جامعة مونتريال، والدكتورة مارتا غواش-فيريه، من "جامعة كوبنهاغن"، عمد إلى تحليل بيانات جمعت من دراستين طويلتي الأمد: "Nurses’ Health Study" التي شملت نساء أعمارهن بين 30 و55 عامًا، و"Health Professionals Follow-Up Study" التي ضمت رجالاً أعمارهم بين 40 و75 عاماً.
تأثير أنماط الأكل في منتصف العمر على الشيخوخة الصحية
تم تقييم بيانات المشاركين كل أربع سنوات منذ عام 1986 ولمدة تصل إلى 30 عاماً مع استبعاد من يعانون من أمراض مزمنة خطيرة عند بداية الدراسة، بلغ عدد العينة النهائية أكثر من 105,000 مشارك.
قام الباحثون بدراسة مدى التزام المشاركين بثمانية أنماط غذائية صحية، منها: مؤشر البدائل للأكل الصحي (Alternative Healthy Eating Index)، ونظام DASH الغذائي المصمم لوقف ارتفاع ضغط الدم، والنظام الغذائي للدماغ (MIND diet) الذي يجمع بين النظامين المتوسطي وDASH لدعم صحة الدماغ، بالإضافة إلى مؤشر النظام الغذائي (Planetary Health Diet Index)، وأخيرًا النظام الغذائي المتوسطي (Mediterranean diet) المعروف بفوائده للقلب والدماغ.
هذه الأنظمة تشجع على تناول الأطعمة النباتية والدهون غير المشبعة والمكسرات والبقوليات مع تقليل اللحوم الحمراء والمصنعة والسكريات المضافة، بعض الأنظمة تضم أيضاً الأسماك ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
يُنصح بتناول الأطعمة النباتية والدهون غير المشبعة والمكسرات
كما فحص الباحثون استهلاك المشاركين للأطعمة فائقة المعالجة والتي تحتوي عادةً على مكونات صناعية مثل شراب الذرة عالي الفركتوز والدهون غير الصحية ومحسنات النكهة والمستحلبات.
أظهرت النتائج، المنشورة في "Nature Medicine" أن 9% من المشاركين – أي حوالي 9800 شخص – حققوا الشيخوخة الصحية، أي عاشوا بدون أمراض مزمنة كبيرة، مع تمتعهم بصحة معرفية وبدنية ونفسية جيدة بعد سن السبعين.
أولئك الذين التزموا بشكل أكبر بـ"Alternative Healthy Eating Index" كانوا الأوفر حظاً في تحقيق الشيخوخة الصحية وهو الاتجاه نفسه الذي لوحظ حتى بعد سن الخامسة والسبعين، وقد تبين أن الالتزام بأي من الأنماط الغذائية الصحية الأخرى يعزز أيضًا فرص الشيخوخة الصحية.
نتائج لافتة عن الشيخوخة الصحية
وجد الباحثون أن تناول المزيد من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والدهون غير المشبعة والمكسرات والبقوليات ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ارتبط بزيادة احتمالات الشيخوخة الصحية، أما من تناولوا كميات أكبر من الدهون المتحولة والملح والمشروبات السكرية واللحوم الحمراء أو المصنعة فكانوا أقل حظًا، كما تبين أن تناول الأطعمة فائقة المعالجة يقلل فرص الشيخوخة الصحية بنسبة تصل إلى 32%.
ويوضح الدكتور هو: "في حين ركزت دراسات سابقة على العلاقة بين النظام الغذائي وأمراض معينة أو طول العمر، تساءلت دراستنا: كيف يؤثر النظام الغذائي على قدرة الناس على العيش باستقلالية والاستمتاع بحياة جيدة كلما تقدموا في السن؟".