في ظل هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي وازدياد الاعتماد على الشاشات أصبح الكثيرون أقل تفاعلاً اجتماعياً بطرق تعزز الصحة النفسية والجسدية، أظهرت دراسة أجرتها Cigna ونشرت في American Journal of Health Promotion أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يعد أحد أكبر العوامل التي تؤدي إلى الشعور بالوحدة، ومع حلول العيد تبرز الفرصة المثالية للابتعاد عن العالم الرقمي والانخراط في تواصل اجتماعي حقيقي مع العائلة مما يعزز العديد من الفوائد الصحية والنفسية.
قضاء الوقت مع العائلة خاصة من خلال التواصل المباشر وجهاً لوجه يساعد في تقليل معدلات الاكتئاب والقلق، ووفقاً لدراسة نشرت في PLOS ONE فإن قوة الدائرة الاجتماعية تؤثر بشكل أكبر على مستويات التوتر والسعادة والرفاهية مقارنةً بالبيانات الصحية التي توفرها أجهزة تتبع اللياقة البدنية، كما أن الحديث مع أفراد العائلة حول مشكلات الحياة يمكن أن يساعد في تخفيف الضغوطات وتعزيز الشعور بالدعم العاطفي.
الحديث مع أفراد العائلة يساعد في تخفيف الضغوطات
الاحتفال بالعيد مع العائلة يرسّخ لدى الأفراد خاصة الأطفال شعوراً بالقيمة والانتماء، ما يعزز ثقتهم بأنفسهم، كما أن مواجهة المواقف العائلية المختلفة تساهم في تطوير مهارات التكيف مع تحديات الحياة، الشعور بأنك جزء من عائلة داعمة يمنحك الإحساس بالهدف والتحفيز لتحقيق النجاح.
الاجتماعات العائلية خلال العيد توفر فرصة للتفاعل المباشر، ما يساعد في تقوية العلاقات الأسرية وتعزيز مهارات التواصل بين الأفراد، قضاء الوقت مع العائلة يعلم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم والتفاعل مع الآخرين بطريقة صحية والتعامل مع الخلافات بشكل بناء، كما أن المشاركة في الأنشطة العائلية تعزز روح التعاون والتفاهم بين الأجيال المختلفة.
أظهرت الدراسات أن الأطفال والمراهقين الذين يقضون وقتًا أطول مع عائلاتهم يكونون أقل عرضة للانخراط في السلوكيات السلبية مثل العنف وتعاطي المواد المخدرة، كما أن العيد يمثل فرصة لترسيخ القيم العائلية وتعليم الأبناء أهمية الترابط والتضامن عندما يتلقى الأطفال اهتماماً إيجابياً لسلوكياتهم الجيدة فإن ذلك يعزز رغبتهم في تبني أنماط حياة صحية.
العيد ليس فقط مناسبة اجتماعية بل هو فرصة لتعزيز العادات الصحية؛ فالوجبات العائلية المطبوخة في المنزل غالباً ما تكون أكثر توازناً غذائياً مقارنة بالوجبات السريعة، كما أن الانخراط في أنشطة جماعية مثل المشي أو الألعاب العائلية يعزز اللياقة البدنية.
الانخراط في أنشطة جماعية كالألعاب العائلية تعزز اللياقة البدنية
ووفقاً لدراسة نشرت في Annals of Behavioral Medicine فإن مشاركة التجارب الحياتية مع شخص داعم يمكن أن يقلل من معدل ضربات القلب وضغط الدم ما يعزز الصحة العامة، إضافةً إلى ذلك تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية قوية يعيشون حياة أطول وأكثر صحة بنسبة تصل إلى 50%.
العيد ليس مجرد مناسبة احتفالية بل هو فرصة لإنشاء ذكريات تبقى مدى الحياة، هذه الذكريات تلعب دوراً محورياً في تشكيل هوية الأفراد وتعزيز مشاعر الانتماء، الأطفال الذين ينشأون في بيئة تحتفي بالعيد كفرصة للتواصل والتآزر من المرجح أن ينقلوا هذه القيم إلى أسرهم المستقبلية مما يعزز استمرارية التقاليد العائلية.
مع كل هذه الفوائد يصبح العيد أكثر من مجرد احتفال بل فرصة ذهبية للديتوكس الاجتماعي والتواصل العميق مع من نحب، لذا ضع هاتفك جانباً واجتمع مع عائلتك واحتفلوا بالعيد بطريقة تُغني حياتكم نفسياً وصحياً واجتماعياً.