في السنوات الأخيرة شهدت معدلات الإصابة بـ سرطان القولون والمستقيم لدى البالغين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً ارتفاعاً ملحوظاً رغم أن هذه الفئة تتبع أنماط حياة صحية أكثر مقارنة بالأجيال السابقة، ومع أن العوامل الوراثية تلعب دوراً في بعض الحالات إلا أن 70% من الإصابات المبكرة تحدث بشكل متفرق، ما يدفع الباحثين إلى البحث في العوامل البيئية.سرطان القولون
واحدة من النظريات المطروحة هي أن الميكروبلاستيك، الجسيمات البلاستيكية الدقيقة التي تنتشر في البيئة، قد يكون عاملًا رئيسياً في هذا الارتفاع خاصة مع تزايد الاعتماد على البلاستيك منذ منتصف القرن العشرين.
مع تحلل المنتجات البلاستيكية تنتشر جزيئاتها في الهواء والماء والطعام، ما يجعلها تدخل جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق أو الابتلاع، وقد وجدت الأبحاث أن هذه الجسيمات موجودة في الدماغ والرئتين وحتى في حليب الثدي وفقاً لـ"very well health".
يحتوي الجهاز الهضمي على طبقة واقية من المخاط تحمي الأمعاء من المواد الضارة لكن الميكروبلاستيك قد يضعف هذه الطبقة، ما يسمح للسموم والميكروبات الضارة بالتسرب إلى جدار الأمعاء، حيث يعمل الميكروبلاستيك كوزن ميت داخل المخاط المعوي، ما يفتح المجال لتسرب السموم التي قد تلحق ضرراً بالخلايا.
تؤثر الميكروبلاستيك أيضاً على التوازن الطبيعي لـ البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما قد يؤدي إلى زيادة نمو البكتيريا الضارة المرتبطة بالسرطان، ويؤكد الباحثين أن هناك ارتباطاً واضحاً بين خلل توازن الميكروبيوم والإصابة بالسرطان، حيث إن بعض البكتيريا قد تساهم في تحفيز نمو الأورام عند توفر بيئة مواتية داخل الأمعاء.اضطراب توازن الميكروبيوم المعوي
إلى جانب تأثيره المباشر قد يعمل الميكروبلاستيك كناقل للبكتيريا الضارة والمواد الكيميائية المسرطنة، مثل PFAS، المعروفة باسم "المواد الكيميائية الأبدية" والتي أُثبت ارتباطها بأنواع مختلفة من السرطان.
رغم الأدلة المتزايدة على خطورة الميكروبلاستيك لا يزال العلماء بحاجة إلى مزيد من الدراسات لإثبات العلاقة السببية المباشرة بينه وبين سرطان القولون والمستقيم، يعتمد الباحثون حالياً على عينات البراز والدم وخزعات القولون لدراسة تركيز هذه الجسيمات في الأنسجة المصابة، هذا البحث بالمراحل الأولى من اكتشاف العلاقة بين التدخين والسرطان والتأثيرات الحقيقية للميكروبلاستيك قد تكون أكبر مما يُعرف حالياً.