حتى عام 2020 كان حوالي 17.6 مليون شخص حول العالم يعانون من التهاب المفاصل الروماتويدي، وهو مرض مناعي ذاتي يهاجم جهاز المناعة فيه الأنسجة المبطنة للمفاصل، ما يسبب التهابات وتورماً مؤلماً في اليدين والقدمين، وعلى الرغم من تقدم الأبحاث لا يزال السبب الدقيق لهذا المرض غير واضح، ولكن الدراسات السابقة أظهرت أن العوامل الوراثية، البيئية، التدخين، والسمنة قد تلعب دورًا في زيادة خطر الإصابة بالمرض.
السمنة تزيد خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي في دراسة جديدة نشرت في Annals of the Rheumatic Diseases، كشف الباحثون أن بعض التغيرات في الميكروبيوم المعوي قد تكون مرتبطة بتطور التهاب المفاصل الروماتويدي، ما يفتح المجال لاستراتيجيات جديدة للوقاية من المرض، هذه الدراسة قد تكون نقطة انطلاق لفهم أعمق لهذا المرض.
هذه الدراسة تابعت 124 شخصاً معرضين لخطر الإصابة بـ التهاب المفاصل الروماتويدي، إضافةً إلى 7 أشخاص مصابين بالمرض حديثاً و22 شخصاً أصحاء كمجموعة مقارنة، على مدار 15 شهراً، حيث راقب الباحثون التغيرات في الميكروبيوم المعوي للمشاركين، ولاحظوا أن الالتهاب قد يبدأ في مناطق خارج المفاصل مثل الأمعاء، إذ يتفاعل الميكروبيوم مع جهاز المناعة ويسبب تأثيرات مناعية في الجسم.
أظهرت نتائج الدراسة أن 30 من أصل 124 شخصاً معرضين للخطر قد أصيبوا بالتهاب المفاصل الروماتويدي، حيث أشار الباحثون إلى أن تنوع الميكروبات لدى هؤلاء المشاركين كان أقل بكثير مقارنة بالأشخاص الأصحاء، ما كان مرتبطاً بمستويات منخفضة من الأجسام المضادة anti-CCP في الميكروبيوم، وتعتبر هذه الأجسام المضادة مؤشراً مبكراً على الإصابة بالمرض، التي قد تظهر في الدم قبل ظهور أي أعراض مثل ألم المفاصل.
في هذه الدراسة وجد الباحثون أن بعض أنواع البكتيريا المعوية قد تلعب دوراً في تحفيز التهاب المفاصل الروماتويدي، على سبيل المثال كانت بكتيريا Prevotella copri أكثر انتشاراً بين المشاركين الذين أصيبوا بالمرض مقارنةً بالأشخاص الأصحاء، هذه الأنواع من البكتيريا قد تؤدي إلى "تهيئة" جهاز المناعة بطريقة تؤدي إلى تطور المرض.
البكتيريا المعوية قد تحفيز التهاب المفاصل الروماتويدي
يأمل الباحثون أن تفتح هذه الاكتشافات الطريق أمام استراتيجيات علاجية جديدة، حيث يقول كريستوفر روني، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن تعديل الميكروبيوم المعوي باستخدام البروبيوتيك أو التغييرات الغذائية قد يمثل خطوة نحو الوقاية والعلاج، كما أن فهم العلاقة بين البكتيريا المعوية وتطور المرض يمكن أن يساعد على تطوير أدوية تستهدف الميكروبيوم المعوي.