على مدى قرون ظل الناس يربطون بين التوتر وظهور الشعر الأبيض مستشهدين بأمثلة شهيرة مثل الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي تحول شعره تدريجياً إلى الرمادي خلال فترتي رئاسته، ولكن هل هذه العلاقة حقيقية فعلاً أم مجرد انطباع شائع؟
توضح مجلة Harvard Health أن الاعتقاد بأن التوتر يسبب الشيب مباشرة هو في الغالب مبالغة إذ تعود الأسباب الرئيسية إلى العوامل الوراثية والتقدم في العمر، فالشعر لا يغيّر لونه بعد نموه بل يحدث الشيب عندما تتراجع قدرة الخلايا المنتجة للصبغة في بصيلات الشعر على إفراز الميلانين ومع مرور الوقت تنمو شعيرات جديدة بلا لون فيظهر الشعر رمادياً أو أبيض.
ما هو التوتر فعلاً؟
رغم سمعته السيئة إلا أن التوتر ليس دائماً ضاراً، فالتوتر المفاجئ أو "الحاد" يمكن أن يكون مفيدًا في مواقف الخطر إذ يُحفّز الجسم على إفراز هرمونات مثل الأدرينالين والنورأدرينالين ما يساعد على سرعة الاستجابة.
لكن التوتر المزمن - الناتج عن ضغوط العمل أو الحياة اليومية- يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة العامة وإن بدرجات متفاوتة من شخص لآخر.
دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature عام 2020 أعادت طرح السؤال من جديد، فقد لاحظ الباحثون أن الفئران التي تعرّضت لتوتر حاد بعد حقنها بمادة شبيهة بمركب الفلفل الحار فقدت لون فروها خلال أيام قليلة.
اكتشف العلماء أن التوتر حفّز الأعصاب على إفراز مادة النورأدرينالين التي دفعت الخلايا الجذعية المسؤولة عن إنتاج الصبغة إلى الانقسام السريع مما استنزف مخزونها وأوقف إنتاج اللون، وعندما أوقف الباحثون هذه العملية تجريبيًا لم يتحول الفراء إلى الرمادي.
التوتر وظهور الشعر الأبيض
ورغم إثارة هذه النتائج يشير الخبراء إلى أن الاختلاف بين الفئران والبشر يجعل من الصعب الجزم بوجود علاقة مباشرة، فالتوتر الذي تعرّضت له الفئران كان حاداً وقصير المدى بينما يعيش الإنسان عادة ضغوطاً مزمنة ومستمرة، لذلك لا يمكن تأكيد أن ما يحدث في الحيوانات ينطبق بالضرورة على البشر.