هل تخدعنا نظارات الضوء الأزرق بأمان مزيف؟ العلم يجيب

أثارت دراسة حديثة منشورة في مجلة "Cochrane Database of Systematic Reviews" جدلاً واسعاً حول فعالية نظارات تصفية الضوء الأزرق التي انتشرت مؤخراً كوسيلة لحماية العين من إجهاد الشاشات وتحسين النوم، فقد قام فريق من الباحثين بتحليل 17 تجربة عشوائية خاضعة للرقابة وخلصوا إلى أن تلك العدسات قد لا توفر الفوائد المرجوة منها سواء في تقليل إجهاد العين أو تحسين جودة النوم.

نظارات تصفية الضوء الأزرقنظارات تصفية الضوء الأزرق تساعد في حماية العين من إجهاد الشاشات 

أدلة علمية "ضعيفة" على الفاعلية

قالت الباحثة الرئيسية للدراسة، لورا داوني، الأستاذة المشاركة في جامعة ملبورن، إن النتائج الحالية لا تدعم استخدام هذه العدسات، موضحةً: "هناك أدلة ضعيفة تشير إلى أنه قد لا يكون هناك فائدة من استخدام عدسات تصفية الضوء الأزرق مقارنة بالعدسات القياسية التي لا تصفّي الضوء الأزرق".

وقد استندت هذه النتيجة إلى بيانات ثلاث تجارب سريرية درست تأثير النظارات خلال فترات قصيرة امتدت بين ساعتين وخمسة أيام.

التعرض للضوء الأزرق ليس ضارًا كما يُعتقد

يقول الباحثون إن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الحديثة يقع ضمن الحدود الآمنة ولا توجد آلية بيولوجية مؤكدة تربطه بشكل مباشر بإجهاد العين.

وتشير "داوني" إلى أن المفهوم الشائع حول خطورة الضوء الأزرق مستمد من دراسات معملية وعلى الحيوانات يصعب تطبيق نتائجها على البشر، كما أن أي فائدة محتملة لهذه العدسات على جودة النوم لم تُثبت بشكل كافٍ.

غياب تقييم تأثيرات بصرية أساسية

لم تتناول الدراسات التي شملتها المراجعة تأثيرات مهمة مثل حساسية التباين وتمييز الألوان وشدة الوهج وصحة البقعة الشبكية وهي عوامل رئيسية لصحة العين، وأكد الباحثون الحاجة إلى دراسات أطول وأوسع تشمل فئات سكانية متنوعة للحصول على نتائج أكثر دقة.

ضوء طبيعي واصطناعي.. ولكن بجرعات مختلفة

توضح "داوني" أن المصدر الأساسي للضوء الأزرق هو الشمس أما الشاشات والإضاءة الصناعية فتنتج كميات أقل بكثير، ومع ذلك تعزز الاستخدام المستمر لهذه الأجهزة من المخاوف بشأن تأثيرها على النوم من خلال تثبيط إنتاج الميلاتونين ما ينعكس سلباً على جودة النوم، وفقًا لما أوضحته أخصائية البصريات "إنا لازار" من مركز Greenwich Eye Care.

تثبيط إنتاج الميلاتونين ما ينعكس سلباً على جودة النومتؤثر الشاشات سلباً على جودة النوم من خلال تثبيط إنتاج الميلاتونين

مخاوف من الاستغلال التجاري

تشير "لازار" إلى أن الشركات استغلت تلك المخاوف في تسويق نظارات الضوء الأزرق، مستندةً إلى شهادات فردية ومعتقدات شائعة رغم عدم وجود أدلة علمية قوية تدعمها، موضحةً أن الشكوى الأكثر شيوعاً بين مستخدمي الشاشات تعود لجفاف العين نتيجة قلة الرمش وليس الضوء الأزرق بحد ذاته.

بدائل عملية لتقليل إجهاد العين

تنصح "لازار" بأخذ فترات راحة منتظمة أثناء استخدام الشاشات وضبط سطوع الشاشة واستخدام الإضاءة المناسبة، مشيرةً إلى أن بعض المرضى أبلغوا عن تحسن في النوم عند استخدامهم لنظارات تصفية الضوء الأزرق ليلاً رغم غياب أدلة علمية قاطعة.

الفحص البصري هو الحل الأدق

ينصح الخبراء بعدم الاعتماد فقط على هذه النظارات لتخفيف إجهاد العين، بل بالرجوع إلى أخصائي بصريات لإجراء تقييم شامل؛ فقد يكون هناك سبباً طبياً أساسياً كجفاف العين أو مشاكل انكسارية لم تُشخّص بعد.