لم يكن من المتوقع أن يصاب البالغون الشباب بالسرطان إلا أن الواقع بات مختلفاً، فخلال السنوات الأخيرة شهدت العديد من الدول ارتفاعاً في حالات الإصابة المبكرة بالسرطان لا سيما سرطان القولون والمستقيم، ووفقًا لجمعية السرطان الأمريكية "American Cancer Society" فإن نسبة الإصابات بسرطان القولون والمستقيم بين البالغين الأمريكيين تحت سن 55 عاماً زادت بنسبة تتراوح بين 1% إلى 2% سنوياً بين عامي 2015 و2019.
وتشير دراسة صادمة إلى أن أولئك الذين وُلدوا في تسعينيات القرن الماضي معرضون للإصابة بسرطان القولون بمعدل ضعف من وُلدوا في خمسينيات القرن الماضي، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بسرطان المستقيم بمعدل 4 أضعاف.
سرطان القولون والمستقيم
رغم عدم وضوح الأسباب وراء هذا الاتجاه التصاعدي، فإن دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nature" ألقت الضوء على احتمال أن يكون التعرض في الطفولة لسم بكتيري يُعرف باسم "colibactin" أحد العوامل المسببة.
وينتج هذا السم عن أنواع معينة من بكتيريا "E. coli" الموجودة بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي، وقدرت دراسات سابقة أن حوالي 20% من البالغين الأصحاء و31% من الرضع يحملون هذه البكتيريا في أمعائهم، "Colibactin" معروف بتسببه في تلف الحمض النووي وقد ارتبطت الطفرات الناتجة عنه بحالات من سرطان القولون والمستقيم.
الدراسة التي قادها البروفيسور لودميل ألكساندروف، من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، لم تكن تهدف في البداية إلى دراسة colibactin تحديداً، بل سعت إلى فهم أسباب اختلاف نسب الإصابة بسرطان القولون من دولة إلى أخرى، وحلّل الفريق ما يقرب من 1000 عينة من 11 دولة ووجد أن الطفرات المرتبطة بـcolibactin كانت أكثر شيوعاً بمعدل 3.3 مرات في حالات السرطان التي شُخّصت قبل سن الأربعين مقارنة بمن تجاوزوا السبعين.
أسباب اختلاف نسب الإصابة بسرطان القولون من دولة إلى أخرى
وتُشير البيانات إلى أن التعرض للسم حدث غالباً في سنوات الطفولة المبكرة أي قبل سن العاشرة، مما يعني أن هذا السم قد يضع الأطفال على مسار يؤدي إلى الإصابة بسرطان القولون في سن الثلاثين أو الأربعين بدلاً من الستين أو السبعين.
ورغم أهمية الدراسة يؤكد الخبراء مثل الدكتور شوجي أوجينو من مستشفى Brigham and Women’s في بوسطن، أنها لا تثبت العلاقة السببية بين colibactin والسرطان، بل تشير فقط إلى ارتباط قوي بينهما، كما لم تتطرق الدراسة إلى عوامل نمط الحياة أو النظام الغذائي للمشاركين.
وأشار الدكتور بونوا روسو، من مركز Memorial Sloan Kettering Cancer Center، إلى أن غياب بيانات حول مؤشرات مثل السمنة أو مستوى النشاط البدني يجعل من الصعب فهم الصورة الكاملة، ومع ذلك اعتبر أن نتائج الدراسة "مقنعة للغاية".
طرق الوقاية من سرطان القولون
رغم عدم توفر اختبار حالي للكشف عن تلف الحمض النووي المرتبط بـcolibactin، فإن الباحثين يعملون على تطوير فحص للبراز قد يسمح بمراقبة الأشخاص المعرضين للخطر بشكل أكبر.
وفي غضون ذلك، ينصح "Ogino" باتباع نظام غذائي متوازن من سن مبكرة وتقليل استهلاك اللحوم الحمراء والمصنّعة والسكر والحبوب المكررة مقابل زيادة الخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة.
كما شدد مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) على أهمية تجنب التدخين وممارسة الرياضة وإجراء الفحوصات الدورية مثل تنظير القولون بدءاً من سن 45 عاماً.