المرونة المناعية.. سلاح سحري لمكافحة الشيخوخة والأمراض المزمنة

كشف علماء أمريكيون عن مفهوم جديد يمكن أن يغير نظرتنا للشيخوخة والصحة وهو: "المرونة المناعية immune resilience" وهي قدرة الجسم على البقاء بصحة جيدة والتعافي بعد التعرض للعدوى مثل الإنفلونزا.

دراسة حديثة

دراسة حديثة نشرت في مجلة "Aging Cell" توصلت إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بمرونة مناعية عالية في سن الأربعين يمتلكون ميزة بقاء تمتد حتى 15.5 عام مقارنة بغيرهم ممن تنخفض لديهم هذه المرونة.

مرونة مناعية عاليةالأشخاص الذين يتمتعون بمرونة مناعية عالية يمتلكون قدرة على البقاء 

الدراسة التي قادها الدكتور سونيل ك. أهوجا، الأستاذ في جامعة تكساس الصحية في سان أنطونيو، ومدير "Veterans Affairs Center for Personalized Medicine"، حللت بيانات 17,500 شخص، من بينهم مرضى يعانون من أمراض مزمنة مثل ألزهايمر وأمراض القلب والعدوى الخطيرة.

وأظهرت النتائج أن مستويات بروتين معين في الدم –يرتبط بتنظيم الجهاز المناعي– ويمكن استخدامها كمؤشر مباشر على مرونة الشخص المناعية، وبالتالي على فرصه في البقاء بصحة جيدة لفترة أطول.

منتصف العمر هو المرحلة الحاسمة

وفقاً للدراسة، فإن مرحلة منتصف العمر، الممتدة بين سن 40 و70 عاماً، هي الفترة التي تشهد أكبر تباين في المرونة المناعية بين الأشخاص، ففي هذه المرحلة يمكن للتغيرات المناعية أن تعزز أو تضعف فرص الإنسان في العيش بصحة جيدة.

وأظهرت نتائج التحليل أن بعض الأشخاص يحتفظون بمرونة مناعية قوية بمرور الوقت بينما يعاني آخرون من تراجع مؤقت سرعان ما يتعافون منه، وهناك من يفقدون هذه المرونة بشكل دائم، وفتح هذا التباين الباب أمام الباحثين لدراسة كيف يمكن لنمط الحياة أو التدخلات الطبية أن تعيد بناء هذه القدرة المناعية.

العادات الصحية تعزز المناعة

من المعروف أن التغذية السليمة والنوم الجيد والتمارين الرياضية وإدارة التوتر كلها عوامل تسهم في دعم الجهاز المناعي، لكن الجديد هو أن هذه العادات قد تكون أيضاً مفتاحاً للحفاظ على المرونة المناعية وبالتالي تقليل خطر الوفاة المبكرة.

وأكد "أهوجا" أن الوقاية من العدوى في المقام الأول عبر غسل اليدين وتجنب مسببات المرض لها دور مهم، لأن بعض الأشخاص قد لا يتمكنون من استعادة مرونتهم المناعية بعد الإصابة.

العادات الصحية تعزز المناعةاتباع بعض العادات الصحية يحافظ على المرونة المناعية

اختبارات الدم كأداة للتشخيص المبكر

أثناء جائحة "كوفيد-19" استخدم فريق "أهوجا" اختبارات دم محددة لقياس مستويات البروتين المرتبط بالمرونة المناعية ما ساعد في تحديد المرضى الذين كانوا بحاجة لعلاج مكثف، ويجري حالياً تطوير هذه الفحوصات لتُستخدم كأداة للتشخيص المبكر ولتوجيه خطط الشيخوخة الصحية.

النساء أكثر حظاً حتى الآن

أظهرت الدراسة أن النساء عادةً ما يمتلكن مستويات أعلى من هذا البروتين مقارنة بالرجال وهو ما يتماشى مع بيانات متوسط العمر المتوقع التي تشير إلى أن النساء يعشن عموماً لفترة أطول، لكن على الرغم من هذا التفوق فإن الدراسة توضح أن الجميع –رجالاً ونساءً– تتقارب لديهم مستويات المرونة المناعية بحلول سن السبعين.

هل يُنذر ضعف المرونة بمرض خفي؟

رغم أن التركيز في الدراسة كان على منتصف العمر، إلا أن "أهوجا" أشار إلى أهمية هذه المؤشرات حتى لدى الشباب، قائلاً: "إذا جاءني شاب يبلغ من العمر 25 عاماً وكانت مستويات مرونته المناعية منخفضة للغاية سوف أقلق، قد يكون ذلك مؤشراً على وجود مرض أو إجهاد نفسي مزمن أو حتى سرطان غير مكتشف".