في طفرة علمية استثنائية، نجح علماء من جامعتَي أكسفورد وكامبريدج ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، في تطوير لقاح جديد مضاد للفيروسات التاجية، حتى التي لم تظهر بعد، والتي قد تؤدي إلى تفشي الأمراض في المستقبل؛ حيث يُطلق على هذا النهج "علم اللقاحات الاستباقي"، ويهدف إلى ابتكار اللقاح قبل ظهور العامل المسبب للمرض.
تهدف المادة المصنوع منها اللقاح إلى تدريب جهاز المناعة في الجسم للتعرف على مناطق معينة في 8 فيروسات تاجية مختلفة، منها SARS-CoV-1، وSARS-CoV-2، وغيرهما من الفيروسات المنتشرة في الخفافيش التي يمكنها الانتقال إلى البشر والتسبب في حدوث جائحة كما حدث في عام 2020.
تعتمد تقنية اللقاح الجديد على "القفص النانوي الرباعي"؛ حيث يتكون من بروتينات تتماسك بعضها مع بعض عن طريق تفاعلات قوية تُربط بسلاسل من المستضدات الفيروسية (أي مواد تثير الاستجابة المناعية) باستخدام بروتين فائق الصمغ، وجميعها تدرب جهاز المناعة على استهداف مناطق محددة موجودة في مجموعة واسعة من الفيروسات التاجية.
ولاحظ الباحثون أن اللقاح الجديد تسبب في وجود استجابة مناعية حتى في الفئران المُحصنة مسبقاً ضد الفيروس المسبب لكوفيد-19، ويعد أبسط في التصميم من لقاحات أخرى يتم تطويرها حالياً، حسب موقع "University of Cambridge".
ما يميز اللقاح الجديد أن مناطق الفيروس المحددة التي يستهدفها تظهر أيضاً في العديد من الفيروسات التاجية ذات الصلة، وعند تدريب الجهاز المناعي على مهاجمة هذه المناطق، ستتوفر الحماية ضد فيروسات كورونا الأخرى غير المُمثلة في اللقاح، بما في ذلك تلك التي لم يتم التعرف عليها بعد.
وفي هذا الإطار، قال باحث الدراسات العليا في قسم علم الأدوية بجامعة كامبريدج والمؤلف الأول للبحث "روري هيلز" إنه يجب التركيز على إنشاء لقاحات تحمي من فيروسات كورونا المقبلة، وأن يكون العلماء جاهزين قبل بدء الجائحة.
ومن جانبه، أكد البروفيسور مارك هوارث من قسم علم الأدوية بجامعة كامبريدج، أنهم يعرفون ما يكفي عن الفيروسات التاجية والاستجابات المناعية لها؛ ما يشجع على صنع لقاحات وقائية ضد الفيروسات التاجية غير المعروفة، مضيفاً أنه على الرغم من إنتاج لقاحات فعالة وسريعة ضد كوفيد-19 خلال الجائحة، فإن أزمة الوفيات الكبيرة لم تُحل بعد؛ ولهذا فإن ابتكار لقاحات مُسبقة يقلل عدد الوفيات.
والجدير بالذكر أن اللقاحات التقليدية تحتوي على مستضد واحد يساعد الجهاز المناعي على استهداف فيروس محدد، وهذا لا يحمي من الفيروسات التاجية المتنوعة أو من مسببات الأمراض الناشئة حديثاً.