تعد اضطرابات الشخصية لدى الأطفال موضوعاً مثيراً للجدل إذ يصعب التمييز بين السمات الطبيعية للنمو والسلوكيات غير التكيفية طويلة الأمد، وتُعرف اضطرابات الشخصية بأنها أنماط مستقرة من التصرفات غير المرنة والتي تؤثر سلباً على الحياة اليومية للفرد، ورغم أن هذه الاضطرابات غالباً ما تُشخّص خلال المراهقة أو بداية البلوغ، إلا أن بعض الحالات تظهر في سن مبكرة.تشخيص اضطرابات الشخصية
وفقاً لـ Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders، يمكن تشخيص اضطرابات الشخصية لدى الأطفال تحت سن 18 عاماً باستثناء اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (Antisocial Personality Disorder) الذي لا يُشخَّص قبل سن 18، ومع ذلك يشترط الدليل استمرار الأعراض لمدة لا تقل عن عام مع التأكد من أنها ليست ناتجة عن مرحلة تطورية عابرة أو حالة صحية عقلية أخرى.
رغم إمكانية التشخيص لا يزال الأمر محل خلاف، حيث أن محاولة تشخيص اضطراب الشخصية لدى الأطفال تشبه "تحديد ملامح قصة لم تكتمل بعد" حيث تتطور الشخصية بمرور الوقت.
تُظهر الأبحاث أن بعض السمات التي تُشبه اضطرابات الشخصية قد تكون جزءاً من التطور الطبيعي مثل النزعة النرجسية لدى الأطفال التي غالبًا ما تتلاشى مع التقدم في العمر، ففي دراسة أجراها National Institutes of Health عام 2019 على طلاب في مراحل دراسية مختلفة لوحظ انخفاض طبيعي في السمات المرتبطة باضطرابات الشخصية خلال 36 شهراً.
بسبب الجدل المحيط بهذه الاضطرابات فإن الأبحاث حولها لا تزال محدودة، ومع ذلك كشفت دراسة دنماركية عام 2023 ذكرها "health line" شملت أكثر من 115,000 طفل ومراهق أن أكثر اضطرابات الشخصية شيوعًا كانت:
اضطراب الشخصية الحدية (BPD)
اضطراب الشخصية غير المحدد
اضطراب الشخصية الفصامي الشكل
كما أوضحت الدراسة أن 3-6% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات لديهم تشخيص باضطراب الشخصية بينما يزداد معدل التشخيص بعد سن 15 عاماً.
يعد التمييز بين اضطرابات الشخصية والتغيرات الطبيعية في سلوك الأطفال تحديًا حتى للمتخصصين، حيث إن العلامات المبكرة قد تشمل تقلبات مزاجية حادة، علاقات غير مستقرة، مشكلات مستمرة في المدرسة، وسلوكيات اندفاعية لا تتناسب مع المرحلة العمرية.
وتختلف الأعراض عن تلك التي تظهر لدى البالغين إذ قد يواجه الأطفال اضطرابات في علاقاتهم الأسرية والاجتماعية قبل أن تصبح أكثر وضوحًا في سياقات أخرى عند البلوغ.العلاج السلوكي الجدلي
يرتكز علاج اضطرابات الشخصية لدى الأطفال على العلاج النفسي، ومن أبرز الأساليب المستخدمة:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يساعد على إعادة تشكيل أنماط التفكير غير المفيدة.
العلاج السلوكي الجدلي (DBT)، الذي يركز على تطوير مهارات التحكم العاطفي والتكيف مع الضغوط.
في بعض الحالات قد تُستخدم أدوية لمعالجة أعراض محددة مثل القلق أو الاندفاعية لكن العلاج الأساسي يظل نفسيًا بالدرجة الأولى.