العلاقة بين تناول حبوب منع الحمل وانخفاض الرغبة لدى النساء معقدة؛ حيث اختلفت نتائج الدراسات على شدة التأثير، فالبعض منها كشف عن معاناة قلة من النساء من انخفاض الرغبة الجنسية ودراسات أخرى وجدت تأثيراً سلبياً أكبر.
قبل عشر سنوات، حلل الباحثون 36 دراسة عن الآثار الجانبية لحبوب منع الحمل الهرمونية المركبة التي تحتوي على هرموني الأستروجين والبروجستين، واكتشفوا أن 15% من 13700 امرأة شاركن بالدراسة، أبلغن عن انخفاض الرغبة الجنسية خلال فترة تناول الحبوب.
وفي السنوات التالية لم ترصد الدراسات سبب انخفاض الرغبة أثناء تناول حبوب منع الحمل، لكن قيل إن الحبوب تخفض مستويات هرمون التستوستيرون الذي يعتقد الباحثون أنه المسؤول عن الرغبة الجنسية.
وقال أندرو غولدستين طبيب أمراض النساء والرئيس السابق للجمعية الدولية لدراسة الصحة الجنسية للمرأة بأمريكا لموقع "The New York Times"، إنه في منشورات السلامة الخاصة بحبوب منع الحمل لم يُذكر قدرتها على خفض الرغبة الجنسية، ومن ثم لا يدرك العديد من الأطباء المشكلة حتى إن أعربت النساء عن ملاحظتهن لظهور قلة الرغبة منذ تناول حبوب منع الحمل.
وترى لورين شترايشر أستاذة أمراض النساء والتوليد في جامعة نورث وسترن الأمريكية، إن فقدان الرغبة الجنسية يمكن أن يظهر بعدة طرق، وفقاً لروايات المريضات؛ حيث يستغرق ظهوراً أو سنوات لظهور الأثر الجانبي، وسيدات أخريات يلاحظن فقدان الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمية ثم يتطور الأمر لنقص الإثارة.
خضعت 340 امرأة شابة يتمتعن بصحة جيدة تتراوح أعمارهن بين 18-35 عاماً لدراسة في مستشفى جامعة كارولنسكا السويدية على مدى 3 أشهر لقياس مدى تأثير حبوب منع الحمل على الوظيفة الجنسية، ولاحظ الباحثون أن الوظيفة الجنسية لم تتأثر بشكل عام، لكنها تؤثر على المتعة والإثارة، بحسب مجلة "The Journal of Clinical "Endocrinology & Metabolism.
ونُشرت دراسة عام 2002 بمجلة "American Journal of Epidemiology" شاركت فيها 138 امرأة مصابة بالتهاب دهليز الفرج، و309 نساء في مجموعة مراقبة غير مصابات بالمشكلة نفسها، ووجد الباحثون أن 4% منهن لم يتناولن حبوب منع الحمل مقارنة بـ17%، ولاحظوا أن اللواتي تناولن حبوب منع الحمل أكثر عُرضة لالتهاب الدهليز.
ولفتت لورين شترايشر، أستاذة أمراض النساء والتوليد، إلى أن الأنسجة الموجودة عند فتحة المهبل تصبح مؤلمة وجافة، أما أندرو غولدستين، طبيب أمراض النساء، أشار إلى أن حبوب منع الحمل مرتبطة بانخفاض الترطيب بالمنطقة التناسلية ما يجعل العلاقة الزوجية مؤلمة كما يؤثر على رغبة المرأة.
تساهم حبوب منع الحمل المركبة في تقليل كمية هرمون التستوستيرون في مجرى الدم بطريقتين شرحهما "غولدستين"، قائلاً إنها تكبح إنتاج هرمون التستوستيرون، كما أنها تزيد من إنتاج البروتين المرتبط بهرمون التستوستيرون في مجرى الدم؛ ما يجعله غير نشط؛ لذا يُعتقد أن انخفاض هرمون التستوستيرون الحر هو سبب انخفاض الرغبة الجنسية وانخفاض الترطيب وحدوث ألم الدهليز.
ونتيجة الاختلافات الجينية، فإن بعض النساء بحاجة إلى مزيد من هرمون التستوستيرون الحر أكثر من غيرهن لتنشيط مستقبلات الهرمون؛ لذلك قد يكون لانخفاض هرمون التستوستيرون تأثير ملحوظ عليهن.
وأشارت كارولين مورو الأستاذة المشاركة في قسم السكان والأسرة والصحة الإنجابية في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة، إلى افتقاد الأطباء فهم الأشخاص الأكثر حساسية للآثار الجانبية لحبوب منع الحمل، ومن الصعب في الوقت الحالي ربط هرمون التستوستيرون بالوظيفة الجنسية التي يمكن أن تتأثر كذلك بالتوتر، على سبيل المثال، وظروف أخرى.
بالنسبة إلى النساء اللاتي مررن بتجارب سيئة مع حبوب منع الحمل، يمكن اختيار بدائل مثل "اللولب النحاسي الرحمي"؛ حيث قالت "شترايشر" إنه بمجرد وقف حبوب منع الحمل الهرمونية تستعيد النساء رغبتهن في غضون أسابيع، وبالنسبة للواتي يعانين من ألم الدهليز يمكن استخدام كريمات التستوستيرون والأستروجين في إحياء الأنسجة في منطقة المهبل.