تُعاني العديد من النساء من تجربة مُحيرة عند زيارة الطبيب، حيث يشعرن بأن ألمهن لا يُؤخذ على محمل الجد، إذ تؤثر التحيزات الجندرية الراسخة في المجتمع على تصورات البعض عن الألم والمرض، وغالباً ما يتم تصنيف النساء على أنهن أكثر عاطفية وهستيرية، ما يؤدي إلى التقليل من شأن آلامهن وتفسيرها على أنها مبالغ فيها أو نفسية.
في هذا الإطار قالت الدكتورة تينا دوشي؛ من جامعة جونز هوبكنز، إن مقدمو الرعاية الصحية يميلون إلى التقليل من شأن ألم النساء مقارنةً بالرجال، ما يؤدي إلى تفاوت في العلاج حتى لو كانت درجة الألم التي يبلغ عنها كلا الجنسين متساوية، موضحةً أن هذه الفجوة في التقدير تُعززها الصور النمطية المرتبطة بالجنس، والتي تجعل النساء أكثر عرضة للتجاهل أو التقليل من معاناتهن، حسب موقع "good housekeeping".
التقليل من شأن ألم النساء مقارنةً بالرجال
ليس فقط النساء بل الأشخاص الملونون يواجهون تحديات أكبر في الحصول على الرعاية الصحية الملائمة، إذ يتلقى المرضى السود والإسبان مسكنات للألم بنسبة أقل بكثير مقارنةً بالمرضى البيض في غرف الطوارئ وتزيد التحديات عندما تكون المرأة سوداء، حيث تتفاقم الصورة النمطية لتشمل التحيز العرقي والجندري، مما يزيد من احتمال تجاهل أو تقليل تقدير ألمهن.
جزء من الفجوة في علاج الألم يرتبط بنوع الحالات التي تُعاني منها النساء، فالأمراض المزمنة والغامضة مثل الفيبروميالغيا، التي تسبب ألماً منتشراً في العضلات وحساسية لا يمكن اكتشافها بسهولة، تُعاني النساء فيها بشكل أكبر، ويعتمد تشخيص الألم غالبًا على التقرير الذاتي للمريض وهنا تظهر التحيزات اللاواعية، حيث يكون الأطباء أكثر ميلاً لتفسير ألم النساء على أنه هيستيري أو مبالغ فيه.
تعاني النساء من حالات مزمنة مثل أمراض المناعة الذاتية التي تصيب 80% منهن، وغالباً ما يتطلب الأمر 5 سنوات ورؤية 5 أطباء قبل الحصول على تشخيص صحيح، هذا التأخير في التشخيص والعلاج يزيد معاناة النساء ويؤدي إلى تفاقم الأعراض، حيث يتم إخبارهن غالباً أن الألم "في رؤوسهن" أو يتم وصفهن بأنهن كثيرات الشكوى.
زيادة الوعي بضرورة الرعاية الصحية للنساء
الأمور بدأت تتغير ببطء مع زيادة الوعي حول التحيزات الجنسانية والعرقية في الطب بفضل الأبحاث الحديثة التي تشمل كلا الجنسين، يُظهر الطب تقدماً في فهم اختلافات الألم بين الرجال والنساء، ما يمهد الطريق لتطوير أدوية خاصة بالجنس.
كما تتزايد جهود التعليم الطبي حول التحيزات اللاواعية والعنصرية، ما يؤدي إلى تحسين الرعاية الصحية للنساء والأقليات، فزيادة التنوع بين مقدمي الرعاية الصحية، وتفنيد الصور النمطية، وتوسيع نطاق البحث، جميعها تسهم في تقديم رعاية أفضل للمرضى من جميع الفئات.
هذه التحسينات المستمرة في الطب تُبشر بتقديم رعاية أكثر عدالة للنساء، ما سيؤدي في النهاية إلى تقليل الألم للجميع.