أثار فريق من العلماء جدلاً واسعاً في الأوساط الطبية بعد نشر دراسة في مجلة "Nature Communications" كشفت عن احتمال أن يؤثر نقص الحديد في غذاء الأم الحامل على تحديد جنس الجنين، فقد أظهرت التجربة التي أُجريت على فئران مختبرية أن نقص الحديد يمكن أن يعطل التفعيل الطبيعي لجين SRY، وهو الجين المسؤول عن تحديد الذكورة، ما أدى إلى تحول بعض الأجنة الذكور إلى إناث.
يُعتبر جين SRY (Sex-determining Region Y) المفتاح الجيني الأساسي الذي يطلق عملية تطور الخصائص الذكرية في الأجنة، يوجد هذا الجين في كروموسوم Y، وهو ضروري لتحفيز نمو الخصيتين، التي تفرز بدورها الهرمونات الذكرية الأساسية.
وتوضح الدراسة أن نقص الحديد لدى الأم قد يؤدي إلى عدم تنشيط هذا الجين في الوقت المناسب مما يغيّر المسار التطوري للجهاز التناسلي في الجنين وبالتالي يؤدي إلى تطور الخصائص الأنثوية بدلاً من الذكرية.
نقص الحديد لدى الأم قد يؤدي إلى عدم تنشيط جين SRY
اعتمد الباحثون في دراستهم على مجموعات من إناث الفئران التي خضعت لنظام غذائي منخفض الحديد قبل وأثناء فترة الحمل، وبعد متابعة دقيقة لتطور الأجنة تبيّن أن نسبة من الذكور وفقاً لتركيبهم الجيني لم تُفعّل لديهم آلية SRY ما أدى إلى نشوء أعضاء تناسلية أنثوية لديهم.
كما لاحظ الباحثون أن الأجنة المصابة لم تعانِ من طفرات جينية واضحة مما يشير إلى أن الخلل نتج فقط عن نقص الحديد وليس عن عيوب وراثية.
رغم أن التجربة أُجريت على فئران إلا أن الباحثين في الدراسة يحذرون من تجاهل النتائج؛ للتشابه الجزيئي الكبير بين آليات تحديد الجنس لدى الثدييات بما في ذلك الإنسان.
وتقول الدكتورة إيلين لينش؛ الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن هذه النتائج قد تدفع إلى إعادة النظر في أهمية العناصر الدقيقة مثل الحديد خلال المراحل المبكرة من الحمل، مضيفةً: "ما كان يُنظر إليه سابقاً على أنه مجرد مغذٍ أساسي لدعم نمو الجنين قد يتضح لاحقاً أنه مسؤول عن تحديد مصيره الجنسي بالكامل".
أهمية العناصر الدقيقة مثل الحديد خلال المراحل المبكرة من الحمل
تُعد هذه الدراسة خطوة أولى في فهم أعمق لتأثير العوامل البيئية والتغذوية على التعبير الجيني الحساس خلال الحمل، ويشير الفريق البحثي إلى أن نتائجهم قد تفتح الباب أمام دراسات إضافية لفهم العلاقة بين النقص الغذائي وتطور الجنس عند البشر خصوصاً في المجتمعات التي تعاني من معدلات مرتفعة من فقر الدم لدى النساء.