منذ نحو 30 عاماً لم تكن الموضة مدمرة للبشر والبيئة، حيث لم يكن شراء الملابس يحدث إلا في المواسم، حتى إن البعض لم يكن يشتري الجديد إلا عندما تصبح ملابسه القديمة بالية، لكن تغير كل شيء وأصبح التسوق هواية أسبوعية بعد انتشار الموضة السريعة التي تنطوي على صناعة ملابس عصرية، لكنها أرخص ثمناً.
تكمن المشكلة في ظهور أحدث التصميمات في السوق بسرعة فائقة، فيحاول المستهلكون مواكبة الموضة والتخلص بسهولة من الملابس التي اشتروها من مدة قصيرة؛ ما تسبب في حاجتهم إلى التسوق أكثر، والاطلاع على أحدث الصيحات، إضافة إلى خلق إحساس دائم بعدم الرضا وإدمان التسوق.
وبخلاف شراء الملابس التي تناسب تغير الفصول، أصبح لدى الكثير من الأشخاص هوس شراء الملابس الجديدة في كل مناسبة، مثل رمضان والعيد وغيرهما، دون إدراك أن التسوق تحول إلى إدمان واضطراب عقلي خفي.
لم تعترف الجمعية الأمريكية للطب النفسي حتى الآن بالاضطراب العقلي المسمى "اضطراب التسوق أو الشراء القهري"؛ لأنه لا معايير ثابتة لتشخيصه؛ حيث يعاني المصاب من رغبة مُلحة في شراء البضائع كالملابس غير الضرورية؛ ما يؤدي إلى أزمات مالية ومشكلات في العمل أو المنزل بسبب التسوق غير المنضبط، إضافةً إلى هدر الكثير من الوقت في عمليات الشراء، وفق ما ذكره موقع "Verywell Mind".
السبب وراء التسوق القهري هو إخفاء المشاعر الصعبة، مثل التوتر والقلق وتدني احترام الذات، لكن إدمان التسوق ليس سوى راحة مؤقتة لتخفيف المعاناة، ومع استمرار الاضطراب يظهر لدى البعض شعور بالذنب والعار.
وشبَّهت هولي شيف عالمة النفس الإكلينيكية، المشاعر المرتبطة بالشراء القهري بالمشاعر التي تراود مدمني المخدرات؛ حيث يربط الدماغ المتعة بالشراء، فيعيد الشخص التجربة مراراً وتكراراً، بحسب موقع "Everyday Health".
ترى هولي شيف أن إدمان التسوق طريقة لإلهاء الشخص عن المشاعر غير السارة التي تراوده؛ فالمواد الكيميائية التي يطلقها الدماغ أثناء التسوق، تمنح الشعور بـ"النشوة". أما من الناحية النفسية، فإنه وسيلة للتغلب على التوتر ومحاولة للشعور بالسيطرة.
كما أن العزلة الاجتماعية أو الطلاق ومفارقة شخص عزيز، تدفع بعض الأشخاص إلى الشراء القهري؛ لتخفيف مشاعر الوحدة والعجز والذنب.
بعض الذين يعانون من التسوق القهري، مصابون كذلك بحالات صحية عقلية أخرى، مثل اضطراب القلق، واضطراب الأكل، بما في ذلك الشراهة المَرَضية عند تناول الطعام، إضافة إلى اضطرابات التحكم في الانفعالات، بما في ذلك نتف الشعر، وخدش الجلد، بجانب اضطرابات المزاج التي يندرج تحتها الاكتئاب.
كما أن الوسواس القهري أو اضطراب الشخصية الحدية، الذي يشير إلى الخوف الشديد من الهجر وعدم الاستقرار، وصعوبة تحمل الوحدة، إضافة إلى اضطراب الشخصية التجنُّبي الذي يعاني فيه المريض من الخجل الشديد والحساسية للنقد وعدم التفاعل الاجتماعي؛ فجميع هذه الاضطرابات غالباً ما تكون مُصاحِبة لاضطراب الشراء القهري.
تشير أدلة إلى أن العلاج السلوكي المعرفي يقلل من أعراض التسوق القهري، من خلال تحديد الطرق السليمة للتكيف، وتطوير المهارات لمكافحة إدمان التسوق، وبخلاف ذلك يمكنك القيام بالتالي:
1- بدلاً من التسوق في وقت الفراغ لتخفيف التوتر، يمكنك تطوير هوايات جديدة مثل تجربة اليوجا التي تخفف من القلق، أو شغل وقتك بأشياء أخرى.
2- عندما تذهب لشراء شيء ما أنت بحاجة إليه، تحدَّ نفسك، ولا تخرج عن القائمة التي وضعتها. وإذا فشلت في الالتزام بها، يمكنك الاستعانة بصديق يرافقك لتشجيعك على شراء الأساسيات.
3- دفع المال نقداً، وإتاحة مبلغ محدود أفضل من استخدام بطاقات الائتمان التي تزيد من الإنفاق القهري.
4- يزيد الإنترنت من الإنفاق القهري، ومن ثم يمكنك إلغاء التطبيقات ووضع قيود لكيلا تصل إلى مواقع الويب التي يَسهُل التسوق منها.