ناسور الولادة من المشكلات الشائعة بين النساء في جميع أنحاء العالم، لكنها حالة تنتشر في المجتمعات الفقيرة والمهمشة بشكل أكبر لعدم توافر خدمات طبية متقدمة، حيث يحدث ثقب بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم نتيجة تعسر الولادة أو المخاض الذي يستغرق وقتاً طويلاً.
ويتسبب ناسور الولادة في تسرب البول أو البراز أو كليهما، كما ينتج عنه مشكلات طبية مزمنة وتعاني المصابات من الاكتئاب والعزلة الاجتماعية، وغالباً ما ترتبط الإصابة به بوفاة الأجنة؛ لذا دعنا نكشف لك عن رحلة تعافي سيدة سنغالية.
ناسور الولادة
تعيش "خادي" في إحدى قرى منطقة تامباكوندا جنوب السنغال، حيث انقلبت حياتها رأساً على عقب بعد الولادة وإصابتها بالناسور، وعلى مدار 40 عاماً كان البول والبراز يتسربان منها كما عانت من الوصمة بسبب حالتها حتى فقدت حياتها الاجتماعية.
وكشفت تقديرات أن نصف مليون امرأة وفتاة في جميع أنحاء العالم معرضات للخطر، ويتعايشن مع الناسور، كما تصاب عشرات الآلاف به كل عام، حيث يواجهن التهابات ويشعرن بالانزعاج ولا يستطعن العمل والاندماج في المجتمع.
يحاول صندوق الأمم المتحدة للسكان، ووكالة الصحة الجنسية والإنجابية التابعة للأمم المتحدة رفع الوعي حول ناسور الولادة بين المجتمعات الريفية، وتوفير الأموال اللازمة للجراحات بالمناطق النائية.
وارتبطت أغلب حالات الناسور بالزواج المبكر والحمل والولادة في المنزل، وعدم كفاية الوصول إلى العاملين المهرة بالصحة، كما أنها تؤدي إلى تأخير العلاج أيضاً.
وقالت "أداما"، إن جارتها عانت من الناسور وكانت تخجل من طلب المساعدة من عائلتها، كما تعرضت للوصم من كبار السن والمجتمع ورفضتها عائلتها، موضحة أن النساء كبار السن من حولها وصفوها بـ"الملعونة" ونتيجة لكل ذلك تخلى عنها زوجها.
انتشار ناسور الولادة في السنغال
اتخذ صندوق الأمم المتحدة للسكان خطوات للقضاء على ناسور الولادة منذ عام 2018، حيث تلقى دعماً من حكومة كندا لإجراء الرعاية الجراحية لأكثر من 300 امرأة بمنطقتي كولدا وسيدهيو بالسنغال، إضافة إلى إجراء جلسات توعية وإنشاء مركز استقبال لمراقبة المريضات باستمرار وبعد التعافي يشاركن في جلسات لبناء القدرات وتطوير المهارات والحصول على التمويل لكسب عيشهن.
وأشار صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى ضرورة القضاء على ناسور الولادة بحلول عام 2030، حيث قاد حملة عالمية تنطوي استراتيجيات الوقاية فيها على تنظيم الأسرة في المجتمعات الضعيفة من خلال مكافحة زواج الأطفال والحمل المبكر بين المراهقات، وتجنب الحمل غير المقصود.
كما يتم تشجيع الحصول على استشارات قبل الولادة، إضافة إلى الحث على الولادة في مستشفى مجهز وليس في المنزل بوجود أطباء مؤهلين، وتوفير رعاية الولادة الطارئة لحديثي الولادة، بما في ذلك العمليات القيصرية في الوقت المناسب.
ونتيجة هذا الدعم الاجتماعي، تتعافى آلاف النساء حالياً بالتدريج، حيث كشفت "خادي" أنها خضعت لـ6 عمليات جراحية مجانية وحصلت على رعاية منتظمة وأنشأت مشروعاً تجارياً لبيع الحلوى والبقالة من منزلها.